جنيف- بروكسل -الزمان
أعلنت بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن أوضاع حقوق الإنسان في ليبيا الاثنين أنّ المهاجرين العالقين في هذا البلد والذين يحاولون التوجه إلى أوروبا يتعرّضون للاستعباد الجنسي، منددةً بجريمة ضد الإنسانية.
وأعربت البعثة عن قلقها العميق إزاء تدهور أوضاع حقوق الإنسان في ليبيا. وخلصت في بيان صدر بمناسبة تقديم تقريرها الأخير، إلى أن «هناك أسباب للاعتقاد بأن قوات أمن الدولة والمليشيات المسلحة ارتكبت مجموعة واسعة من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية».
وأوضح المحققون أن هذه الانتهاكات تُرتكب «بحق ليبيين ومهاجرين في جميع أنحاء ليبيا»، في مراكز احتجاز.
ووثقت البعثة ورصدت العديد من حالات الاعتقال التعسفي والقتل والتعذيب والاغتصاب والاستعباد الجنسي والإعدام خارج نطاق القضاء والاختفاء القسري، مؤكدة أن هذه الممارسات واسعة الانتشار في ليبيا.
وأشارت خصوصاً إلى «وجود أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأن العبودية الجنسية، وهي جريمة ضد الإنسانية، ارتُكبت بحق مهاجرين».
وبحسب البعثة، تم استعباد مهاجرين في مراكز اعتقال رسمية وكذلك في «سجون سرية» حيث تُرتكب عمليات اغتصاب، وكلها تشكل جرائم ضد الإنسانية.
وأكد البيان أنّ الاتجار بالبشر والعبودية والسخرة والسجن والابتزاز وتهريب المهاجرين المستضعفين «يدرّ عائدات كبيرة لأفراد وجماعات ومؤسسات رسمية، ما يحثّ على مواصلة الانتهاكات».
وقال رئيس البعثة محمد أوجار في البيان «المحاسبة ضرورة ملحة لإنهاء هذا الإفلات الواسع من العقاب».
وأضاف «ندعو السلطات الليبية إلى الإسراع في تطوير خطة عمل من أجل حقوق الإنسان، وخارطة طريق بشأن العدالة الانتقالية تركز على الضحايا، ومحاسبة جميع المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان».
أسّس مجلس حقوق الإنسان البعثة في العام 2020 للتحقيق في الانتهاكات التي ارتكبتها جميع الأطراف في ليبيا منذ 2016.
ومنذ ذلك الحين، أجرت البعثة أكثر من 400 مقابلة وجمعت أكثر من 2800 معلومة بينها صور ومقاطع فيديو.
وستقدّم معلوماتها إلى المحكمة الجنائية الدولية، بما في ذلك قائمة بالأفراد الذين يمكن تحميلهم مسؤولية الانتهاكات، لكنها تطلب أيضًا من الأمم المتحدة تشكيل لجنة جديدة لمواصلة أعمال التحقيق.
وأعلن الاتحاد الأوروبي الإثنين أنّه سيطلب من السلطات الليبية «تفسيرات» بعد واقعة اتُّهم فيها خفر السواحل الليبيين بإطلاق النار في الهواء لمنع السفينة «أوشن فايكينغ» من إنقاذ مهاجرين.
وقال بيتر ستانو المتحدث باسم مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل للصحافيين «سنطلب تفسيرات وتوضيحات (من السلطات الليبية) بشأن ما حدث، ولماذا حدث، وما الذي سيحدث لاحقاً».
وأضاف أنّ الهدف هو معرفة ما إذا كانت سفينة خفر السواحل الليبيين المتورطة في الحادث تم تمويلها بمساعدات من الاتحاد الأوروبي.
وكانت منظمة «إس أو إس ميديتيرانيه» غير الحكومية التي تنقذ سفينتها «أوشن فايكينغ» مهاجرين في البحر المتوسط اتّهمت السبت خفر السواحل الليبيين بأنّهم تعمّدوا تعريض طواقمها ومهاجرين للخطر عبر إطلاقهم النار في الهواء لمنع السفينة من القيام بعملية إنقاذ.
وأفادت «إس أو إس ميديتيرانيه» أنّ خفر السواحل الليبيين اعترضوا في النهاية حوالى 80 مهاجراً وأعادوهم إلى ليبيا.
ويتعاون الاتحاد الأوروبي مع خفر السواحل الليبيين عبر تدريبهم وتزويدهم مساعدات ومعدات وسفناً.
ويهدف التعاون بحسب بروكسل إلى إنقاذ حياة مهاجرين في البحر الأبيض المتوسط، لكنّ منظمات غير حكومية والأمم المتّحدة تندّد به بشكل مستمر، مشيرةً إلى تعرّض المهاجرين لسوء معاملة وإعادتهم قسراً إلى ليبيا.
وقال ستانو «بالنسبة لنا فإنّ إنقاذ الأرواح يأتي أولاً، وحقوق المهاجرين تأتي أولاً».
لكنّ المتحدّث أقرّ بعدم وجود «حلّ مثالي» بسبب الوضع في ليبيا، التي تشهد حالة فوضى منذ سقوط نظام معمّر القذافي في العام 2011.
وأضاف «تعاوننا (مع خفر السواحل الليبية) مرن، ونكيّف أعمالنا وفقاً للتطوّرات على الأرض وسلوك شركائنا».