إيران وعنق الزجاجة المكسورة
فاتح عبدالسلام
العالم كله ينصح إسرائيل في كل يوم بعدم توجيه ضربة عسكرية إلى المواقع النووية الإيرانية، ويذهب بعضهم إلى استجداء تل أبيب لكي لا تفعل، ويبدو زعماء العالم كلهم مجرد أصوات موظفين يخدمون في وزارة الخارجية الإيرانية. وهو دليل على نجاح سياسة الردع التي اتبعتها إيران في التلويح بإشعال الخليج وأسعار النفط وإمداداته في حال تعرضها لهجوم، فيما تمضي إلى استكمال برامجها النووية وترفض أية تقارير غير إيجابية ترد من وكالة الطاقة الذرية. إذن هو نجاح إيراني بلا منازع بالرغم من إنَّ قابلية العجلة الغربية لا تزال هي الأكبر في احتواء البريق الإيراني المحاصر فضلاً عن فشل طهران نفسها في كسب العالم العربي بسبب ملف البحرين والخلل السياسي في لبنان وموقفها من نظام سوريا والحرب الطائفية التي اشتعلت في العراق أثناء احتلاله من الامريكان المصاحب لاطلاق اليد الإيرانية في المسرح السياسي هناك، لضعف السياسيين العراقيين وفقدانهم القواعد الشعبية الكفيلة بجعلهم يستغنون عن الدعم الإيراني.
العالم يبدو ضعيفاً أمام ذلك السلاح الرادع لإيران.. ربّما لاسمها المعنوي ونفوذها الإقليمي وليس لسلاح محدد تمتلكه، في حين تبدو إسرائيل في ثوب اللاعب القوي وهي التي تعاني من فقدانها قامتها التقليدية التي تمتعت بها قبل أكثر من ثلاثة عقود حين قصفت المفاعل النووي العراقي ودمرته من دون أن يرمش لها جفن أمام عجز العراق المشغول بحرب إيران في حينها عن الرد فضلاً عن ذلك العجز العربي المزمن عن أيّ ردّ أصلاً.
طهران أفادت من عقد قمة عدم الانحياز لديها سياسياً وإعلامياً ونفسيا وداخلياً، وهي تعي أنها لا تستطيع من خلالها إنجاز الملفات العالقة الخطيرة الخاصة بها. غير إنَّ المؤتمر كان مناسبة لتذكير دول العالم الثالث ومعظمها حليف للعالم الغربي بأهمية الدور الإيراني.. النووي أو سواه. وهي مناسبة لم يستطع العرب أن يفيدوا من أمثالها لتحقيق دعم دولي لقضاياهم ربّما لأنهم باتوا متوافقين على أن لا قضية تجمعهم.. ولا قضية محددة تحتاج إلى دعم أو مساندة باستثناء القدس وهو ملف لم يحرز تقدماً عربياً منذ عقود، باستثناء الدعاية السياسية المتذبذبة.
العالم أراد ان يضع إيران في عنق زجاجة.. لكن ما الفائدة إذا كانت الزجاجة مكسورة من أسفل؟
/9/2012 Issue 4292 – Date 1 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4292 التاريخ 1»9»2012
FASL