إقبال نعيم.. سيرة مضيئة – جمال الشاطي

إقبال نعيم.. سيرة مضيئة – جمال الشاطي

ممثلة ، مخرجة ، باحثة ، منتجة ومديرة ، عملت في المسرح ، الاذاعة ، التلفاز و السينما ، رغم انها ولدت في بيت باحد الاحياء الشعبية بالعاصمة بغداد لكن الاثر الاكبر في نشاتها وتطورها الفني و الفكري و الجمالي لاختها الاكبر (عواطف نعيم ) وزوجها ( عزيز خيون) ولا اعني بهذا وساطة او تاثير وقبول فالفنانة الراحلة دخلت ( معهد الفنون الجميلة ) للدراسة في (قسم الفنون المسرحية) بعد ان اكملت دراستها المتوسطة وكان بدخولها المعهد قد حظت باكثر من فرصة للتعلم والتدريب (اساتذة المعهد) والعائلة (عزيز وعواطف) فهي تعايشت مع المسرح طوال اليوم ( تدرس ، تستمع ، تشاهد، تقرأ ، تشارك) وكان لها حضور في اعمال مدرسيها واقرانه الطلبة في اطاريح تخرجهم فكانت خطواتها الاولى راسخة ومتزنة معتمدة على المنهج العلمي الاكاديمي وبناءا على تلك الخطوات جاء الاختيار و الامتحان الاصعب في مسرحية (بيت برنارد البا / 1978) مع المخرج (سامي عبد الحميد ) و (فرقة المسرح الفني الحديث) لتقف  امام سيدات المسرح العراقي (زينب وناهد الرماح ) هي فرصة لاثبات الوجود حيث الفرقة الاهم ، المدرسة الحلم، الشابة الصغيرة تتالق في القفص الحديدي الذي يحيط به الجمهور من كل جانب وسط مسرح بغداد مستمتعا باداء بنت بغداد الساحرة حينها ظل الجمهور البغدادي و العاملين في فرقة المسرح الفني الحديث يترقبون ماذا ستقدم اقبال بعد هذا العرض لكن ثمة شيء حصل لم يكن بالحسبان عرض عليها المشاركة في عمل مسرحي لفرقة المسرح الشعبي ، اعجبها النص وامنت بقدرات المخرج والمجموعة التي معها فالتحقت في التدريبات لكنها وجدت اعلانا معلقا في لوحة اعلانات فرقة المسرح الفني الحديث (تعليق عضويتها ) اذ خالفت ما جاء بنظام الفرقة الداخلي الذي ينص (عدم مشاركة العضو في عمل اخر دون حصول موفقة الهيئة الادارية ) ولم تنفع دفوعاتها عن نفسها بعدم معرفة بهذا الامر ولم تطلع على النظام الداخلي للفرقة فكان لها موقف هي الاخرى لم يتخذه احد من قبل اذ انتمت الى فرقة المسرح الشعبي فقدمت لهذه الفرقة (الانشوده ، رقصة الاقنعة ،بير وشناشيل، ترنيمة الكرسي الهزاز ومسرحيات اخر) كما ضلت وفية لفرقتها الاولى  فكانت من بين اعمالها (الرهن) و(خيط البريسم)  الذي حصلت فيها على جائزة افضل ممثلة عن المركز العراقي للمسرح

اقبال نعيم الممثلة الباحثة ، الممثلة المسيطرة على ادواتها الانتاجية للشخصية، المنضبطة في السلوك والاخلاق محط انظار المخرجين في الفرق المسرحية العراقية ، استقر بها المقام في ( الفرقة القومية للتمثيل ) فقدمت لها عشرات الاعمال المسرحية منها ( في اعالي الحب ، هيروسترات ، سيدرا، اعتذر استاذي لم اقصد ذلك ، تقاسيم على نغم النوى ، حفلة الماس ، مطر يمة، الف امنية وامنية) كما كان لها حضور مهم في الشاشة الصغيرة اذ قدمت ( رباب ، حدث في الهاوية ، امنيات النساء ، اسباب الزيارة ، مواسم الحب ، وجهة نظر ، الذئب، متوالية الحب ، هجرة الى الذات ، نادية ،ناس من طرفنا ، دائما نحب ، الهاجس ، اجنحة الثعالب ، ايلتقي الجبلان واعمال اخرى.       .

مقاعد الدرس و الدراسة كانت امرا مهما عند اقبال نعيم فما اكملت دراستها في المعهد حتى وجدت لها مقعدا محجوزا في المرحلة الثانية باكاديمية الفنون كونها الاولى على دفعتها فكان حضورها بارز ومشرف في المسرح الاكاديمي فقدمت ( طائر البحر مع صلاح القصب ، المعطف مع شفيق المهدي ، جزيرة الماعز مع سامي عبد الحميد ، تساؤلات مسرحية مع عوني كرومي ).

   اقبال الفنانة العراقية الملتزمة لم تكل ولم تمل ولم تغتر كان كل عمل تنتهي منه يصبح ماض ، يصبح مستندا مرجعيا لاعمالها القادمة ، مرتكزلاكتشاف مهارات جديدة فبعد تخرجها تتواصل مع دائرتها ( السينما والمسرح ) فكان لها حضور في السينما العراقية عبر عدد من الاعمال منها ( حب في بغداد ، ستة على ستة ، افترض نفسك سعيدا ، 100 بالمئة، السيد المدير ، العربة والحصان ، مطاوع وبهية ) اما في الدراما الاذاعية فلها نصيب اوفر فقد عملت مع كبار مخرجي الاذاعة ( حافظ مهدي ، محمد زهير حسام ، محمد صكر ، حلمي نوري ، عزيز كريم ، مظفر سلمان) كما عملت مع استاذها (عوني كرومي ) في اعمال الدوبلاج ولعل المسلسل الكارتوني (سنان) من اهم اعمالها اضافة الى مسلسل (نبيه وصالح ) وبهذا فانها ممثلة شاملة انضجتها التجربة ومسارات البحث و التعلم .

   بقي حلم الدراسة يرافقها مثل ظلها فقدمت اوراقها لدراسة الماجستير ومن ثم الدكتوراه متوقفة عند ( الغروتسك) ليكون عنوانا لاطروحة تخرجها ، كتبت في مادة لم يقربها احد من الباحثين والدارسين فسبق اسمها حرف الدال مفتخرا بها لتكون الدكتورة اقبال نعيم وتعود لطفولتها واعمال قدمت ظلت عالقة في ذاكرتها وحلم مؤجل ( المزمار السحري ، البنجرة الصغيرة ، رحلة الصغير في سفر المصير ) فرحلت راجعة الى ذلك العالم البريء كبرائتها فقدمت مخرجة لعدد من الاعمال لعل ابرزها  ( الريشة الذهبية) التي حصلت فيها على عدد من الجوائز (الاخراج ، التمثيل و الازياء ) في مهرجان مسرح الطفل الاردني وكان وقوفها عند هذا المسرح لا لوجود فراغ او خلة بل حلمت بتاسيس جمهور مسرحي ملتزم تعمل على تهذيب ذائقة الجمال عنده منتفضة على عروض المسرح الاستهلاكي التي بقيت بعيدة عنه ولم تقرب اليه فهي قد بنت نفسها وحصنتها وقت الجوع والحاجة ففي ذلك العقد اسست شركة للانتاج التلفازي وانتجت اكثر من مسلسل سوقته خارج البلاد.

    في دائرة السينما و المسرح شغلت اكثر من موقع اداري حتى وصلت الى موقع القيادة ( مدير عام دائرة السينما و المسرح ) فكانت بحق محط فخر واعتزاز لكل من عمل معها فقد حققت برنامجا متفردا معززا بالحرص و القبول و النزاهة فلم تؤشر بالضد منها اي حالة من حالات الفساد بل تركت ورائها رصيدا ماليا وفنيا وعند اعفائها من منصبها لم يقف معها او يدافع عنها اي حزب سياسي فلم تكن منتمية الا الى العراق

مشاركة