إعلامَنا .. لا تبلع طعم السياسة – اياد السعيدي
من أسباب ضعف أية وسيلة إعلامية وإنخفاض نسبة مشاهدتها إعتماد بث فقراتها على الجانب الرسمي والفعاليات الحكومية بنسبة عالية ولنا في الإعلام الرسمي تجربة يستطيع أي مشاهد أن يقدر نسبة مشاهدتها بيسر حسب تفاعله معها ومع ما تقدم من نوعية أخبار وتقارير، وهذا بالطبع إما أن يكون بتوجيه إدارتها أو حصافة مدير أخبارها أو مدير برامجها وقد تكون ثمة إستفادة تمويلية أو إرتباط من نوع سياسي أو منفعي. وفي الضفة الأخرى تقف فضائيات أخرى تدّعي الإستقلالية في توجّهها رغم تمويلها الشفاف والمعلن لكنها لا تعير إهتماما لفعاليات شعبية وعلمية وثقافية هي غاية بالأهمية لأنها تعكس الجانب المخفي من العراق والذي غطت عليه أخبار الفساد والمزايدات السياسية وسذاجة خطوات تنفذها الحكومة المركزية والحكومات المحلية وتعدّها إنجازا كالمؤتمرات الرسمية التي لم تنفك فضائياتنا من إقتناص ما يدور فيها من أحاديث وتصريحات لن تقدم أو تؤخر في ميزان السياسة أو الإقتصاد، الذي يُعدّ المحرك الأساسي لكل سياسات العالم الا في العراق فهو تابع ذليل تتضح تبعيته من خلال عدم إعتراف الإعلام نفسه بأنه السيد والمحرك نتيجة لقصور في فهم ما يدور حولنا من تطورات وتحولات إقتصادية عظيمة ونحن نقبع في زاوية ضيقة جدا من الحوارات السياسية التي تنشر غسيل التجاذبات والتناحرات والمصالح فقط، لذلك ترى شارات الفضائيات تتقافز بين هذه المؤتمرات والإجتماعات والنشاطات الرغوية والروتينية التي يعقدها السياسيون كدعاية مفضوحة للترويج أو التأجيج وهو طُعم خادع لكل الفضائيات ولمن يدّعي المهنية وتتبع الخبر والسبق الصحافي ، هناك فعاليات مهمة ونقاشات أهم وحوارات فكرية وإقتصادية قد تغير وجه العراق الكالح اليوم وتحوّل إهتمام المواطن والمشاهد الى مشهد جديد من نشاط يبني ولا يهدم ، إنها الندوات الحوارية الإقتصادية التي تناقش السياسات العامة والمالية والإقتصادية للعراق يتحاور فيها علماء الإقتصاد الذين حجبتهم السياسة الفاسدة ، يشخصون الداء ليصفوا الدواء بصراحة متناهية وبالأرقام المستلة من الجهات الرسمية .. لكن للأسف لم أشاهد إحدى فضائياتنا حضرت وسجلت أو حتى قدمت تقريرا يبرز هذه النشاطات فهم في عالم وهذه الفعاليات في عالم آخر لم يسلطوا أضواء كاميراتهم عليها ليعرف المواطن أن هناك وجهاً آخر للعراق بعلمائه وأكاديمييه وكفاءاته الفذة، وأن ثمة من يستطيع إنقاذ العراق من كبوته الكبيرة . إنها دعوة لكل الإعلام أن يتابع هذه الفعاليات ويخرج من نمطية نقل الخبر الى عالم رحب من العمل والإبداع فهو لك أيها الإعلامي أولا وأخيرا .