إستنزاف الود
نور كريم الطائي – البصرة
اهداء الى أصدقاء الضجر ….لأن لقاءكم ممل….مع الحب
مثل مجنونة هائمة، او مكتئبة تتأكلها السنوات يملئني الفراغ ويتغلغل الى فوضى ذاتي يشلّ كل الحركة التي اسير فيها كالمعتوهة.
اللعنة كل هذا العالم لا يكفي لجسدي مثل ساعة لم تأتِ بعد ضمن منطوق اميال الزمن القاسي مثل تلك الساعة المتوقفة اعلى رأسي… مثل اللحظة التي تسبق الانهيار … أحاول ان اصارع كل شيء في هذا العالم اصرخ أحيانا بطريقة طفولية (هذا العالم لا يسع احلامي) يضحكون ملء اشداقهم أولئك الذين يروق لهم رؤيتي وانا اتشقلب على دنيا مُرة لم تذق حلاوة احلامي بعد… احياناً مجنونة او سوداوية… يقولون هذه اللعينة مثقفة متكورة بهذا الجنون لكي تهرب من جفاف الواقع.
كلما أتذكر الجفاف احلم بمنزل منفرد يحتضن وحدتي ازرعه بأنواعٍ غريبة من الزهور لأبدو هكذا برجوازية لعينة او لأظهر بمستوى عصري كما يفعل العديد من باعة الدم وتجارب الحروب ، ولأني املك عالمٍ موازٍ فأنا اهرب الى قراءة الروايات اقرأ عوالمها الافتراضية فأجدها اكثر حناناً علي من هذا العالم المزيف او ما يسمى عالم الواقع .
ما اقسى ان تكون الشخصيات الورقية ارحم وانبل من الشخوص التي تتعايش معك…
اهرب الى افتراضٍ شبكي لأضيع في ظلمة الضوء… نقطة ضوء… معتوهة ناقصة عقل تملئ هذا الكون بالترهات… تضحك ملء فمها تلك التي توسمني بالمتصوفة المنعزلة ، لا تفرق بين المكتئب والمتصوف!!
أقول لها اني اشعر بأن هذا العالم لا يسع احلامي وهي تضحك طويلاً حتى تتقافز من فمها أنواع البصقات لتملئ الكون برذاذها المسموم … هكذا كانت تراني بأني اهذي او أحاول الهروب من قساوة العالم …
ذات مرة قالت انكِ نصف امرأة لا تستطيع ان تقاوم مسؤوليات الحياة ، ثارت ثائرتي آنذاك استخدمت كل مفردات الشتائم المفهرسة في القاموس العربي وحتى الغربي.. اصرخ اصرخ أتذكر انها المرة الأولى التي انفعل بطريقة معها حطمت مائدة الطعام على رأسها ، قالوا لي انها مذ ذاك اليوم لم تدخل المكان ابداً ، بعضهم قالوا لي انك ارحت الناس منها!!
اعودُ لدماغي المتهشم لأتوحد معه مرة أخرى الجُ الى الضوء المظلم و رغم كل بؤسه وانفلاته فهو يضم عوالم الرثاثة والسخف كمصيدة فئران… ونحن كفئران تجارب نلج دون ان نعي ماهية ما نلج له!
اللعنة الرصاصات لم تعد وحدها من ترديك ميتاً فهناك أدوات قتل معاصرة اكثر فتكاً… افتحُ نافذتي الزرقاء يواجهني طلب غريب! ووجه الغرابة هو..
-من ؟ قلت له قبل ان استجيب لطلبه ….ضحك بطريقة العنكبوت المعاصر…
-(ابنكِ) … ولكي اجاري مزحته…
قلت له
– لم اتزوج حتى الان….اجابني بسرعة
– (ابنكِ في المستقبل… ازوركِ من المستقبل لأحذركِ)
-مما ؛ قلت له بدهشة…
– من نفسكِ وكل شيء…
– من أي عام تزورني ….؟ باغته بالسؤال
-(2090) !
-سنوات طويلة لا اعتقد بأني سأعيش طيلة هذه السنوات… رميته بسؤال ادهى..
-ستفعل
– لا تمزح يكفيني رهط المتنمرين الذين يقبعون اعلى رأسي …
-اسئلي فأجيب … امي…
(قاطعته بلطف)
-لا تقلها فأني لا اشعر بها…نادني بأسمي افضل..
-لكنني من رحمك…
نظرت لحظات لجسدي من اعلى للأسفل وكنت اشعر بانهزام كبير…
قلت له اكمل:
-العالم يزداد بؤساً ..البلدان تتقاتل على النفط … الحروب هنا وهناك… الطغاة تغير شكلهم لدرجة اصبحوا يتحكمون حتى بأكلنا وشربنا ونومنا .
-اللعنة لا شيء جديد قل ما الجديد لديك والا سانهي هذه المحادثة اللعينة (اجبته بشيء من التشنج والتعالي)
– اتحدث معكِ وانا امام نافذة رمادية في الخارج الجو كئيب يا امي ، كل شيء اصبح يُدار بالماكينة… تصوري ان عدد الماكينات تتجاوز عددنا نحن سكان هذه البقعة التي تطفو على الذهب (نضبت؟ )نشربها كالخمر فتصيبنا خيبتها بالغثيان لعنتنا الأبدية حتى نفنى هذا ما قاله عالم معاصر يا امي..
-تحترمون اراء العلماء شيء جيد! بسخرية قلت له …
-سيأتي عليكم زمان يحكمها فيها الروبوت يا هذه! صوت همس لي كأنه تهديد خفي …
لم اكترث بادئ الامر لأني لازلت اعتقد ان هذا العالم ممكن ان يخضع لليوتوبيا وتنتشر فيها المفاهيم الروحية… ممكن ان نذيب المادية الساحقة ونعود بها الى عصور سحيقة نركن لأرواح تسكن في زوايا المدن بهدوء منظم.. هذيان…
صوت اخر يهمس لي يحيلني الى كتل رمل متماهية او مترامية الأطراف في ارض هذه المدينة التي تبدو لي خاوية من سكانها… خاوية من أرواح اجدادنا… افتش عنهم في الحدائق العامة في الساحات العامة حيث يصرخ الاف الشباب ولا احد يستمع لهم.
قالت لي جدتي : الموتى يصيحون ولا احد ينتبه لصراخهم … انا امام النص الان أحاول الهروب يلف تلابيبي يسحبني لضوء النافذة الصغير… الج الى هذا العالم المدهش كأنه عالم اميبي أُصيب بالعوق…كل شيء هنا متناقض مزدوج متناشز( صه يا حمقاء) يصفعني القابع في اعلى رأسي…
أحاول الخروج من لوحة مؤطرة بالحديد الصلد…لا شيء يتيح لفمي الصراخ سوى احلامي… حتى هذه النافذة الضوئية التي الج فيها لعوالم متفتحة تحاول ان تصطادني كغزالة مشدوهة في غابة مملوءة بالمتاهات ، اللعنة من يخلصني من هذا النص …
أحاول الهروب اسحب روحي من بين الحروف…تعيدني الشاشة الضوئية مرة أخرى بصفعاتٍ قاسية… تشتمني باقذع الالفاظ !! اصرخ بوجه الذباب .. دعني اخمن ما الذي يمكن ان يحدث في المستقبل …!
-اتركي عنكِ هذا الهذيان ، وادخلي الى مملكتي ….الضوء الخانق؟!!!
قلت له باستغراب ..!
-الامر سيان ، النهايات واحدة ، لماذا لا تلج الى هذا العالم وتترك عنك عالمك الأسود! تعال هنا الضوء يملء المكان…..؟
-كل الضوء هنا يسبح به الناس دون وجوه …دون أجساد… دون أرواح … فقط نحتاج فمك الصامت واناملك الناعمة….