لندن – الزمان
بدأت مؤشرات الخطر تظهر على الاقتصاد البريطاني الذي تحدى كل التوقعات السلبية وأبدى متانة بعد تسعة اشهر من صدمة الاستفتاء الذي قرر بموجبه البريطانيون الخروج من الاتحاد الاوروبي،لكن الامر تغيرمع اقتراب بدء مفاوضات بريكست مع بروكسل .
وفيما ستفعل بريطانيا الاربعاء آلية الخروج من الاتحاد التي تطلق بعدها المفاوضات، يتوقع أن تضرب هزات الاقتصاد البريطاني رغم أن التوقعات بازمة مالية لم تتحقق حتى الان.
الى ذلك أعلن رئيس الوزراء القطري الشيخ عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني الاثنين ان بلاده ستستثمر 5 مليارات جنيه استرليني (5,8 مليارات يورو) في بريطانيا على مدى خمس سنوات خصوصا في البنية التحتية والخدمات.
ويشكل الاعلان الذي صدر في لندن بمناسبة اليوم الاول من منتدى الاعمال القطري البريطاني خبرا سارا لبريطانيا في الوقت الذي تستعد فيه لبدء مفاوضات لا تزال نتائجها غامضة حول خروج البلاد من الاتحاد الاوروبي.
وقال رئيس الوزراء القطري خلال هذا المنتدى «على مدى السنوات الثلاث او الخمس المقبلة، ستوظف قطر 5 مليارات جنيه استرليني في الاقتصاد البريطاني من خلال صناديق استثمارات مختلفة والجهات المعنية في قطر، على ان تضاف الى استثماراتها الاخرى الناجحة فيبريطانيا».
وكانت قطر استثمرت 40 مليار جنيه (46 مليار يورو) في بريطانيا في السنوات الاخيرة، اشهرها الاستثمار في برج شارد وقسم كبير من حي الاعمال في كناري وارف بلندن بالاضافة الى متاجر هارودس الفاخرة.
واضاف رئيس الوزراء «استثماراتنا في بريطانيا ستتركز على الطاقة والبنية التحتية والعقارات والخدمات وغيرها من القطاعات».
ويأتي الاعلان في الوقت الذي تستعد فيه بريطانيا الاربعاء لتفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة لاطلاق مفاوضات تستمر عامين بين لندن وبروكسل حول شروط الخروج من الاتحاد الاوروبي. ومن الممكن ان تحمل هذه الفترة الحافلة بالغموض عددا من المؤسسات على التفكير مليا قبلالاستثمار في بريطانيا، بحسب خبراء اقتصاد.
ويعود الفضل في تجنب تلك الازمة لرئيسة الوزراء تيريزا ماي التي أبدت حنكة في التعامل في ملف الاقتصاد في الاشهر التسعة التي تبعت التصويت لصالح الخروج من الاتحاد، ساعدها في ذلك عمليات ضخ السيولة في النظام المصرفي التي قام بها البنك المركزي البريطاني، وثقةالمستهلكين التي لم تهتز.
وحقق الاقتصاد البريطاني نمواً جيدا وصل الى 1,8% في 2016 ويمكن أن يرتفع إلى 2% هذا العام، طبقا لاحدث التوقعات.
إلا ان خبراء الاقتصاد يقولون أن النتائج الايجابية تعود الى أنه لم يحدث بعد أي شيء ملموس فيما يتعلق بالبريكست منذ التصويت في الاستفتاء في 23 حزيران/يونيو العام الماضي.
والسؤال الحقيقي هو ما اذا سيحدث خلال عامين من المفاوضات التي يرجح أن تكون صعبة، والقلق بشأن ما يمكن أن يحدث في حال عدم التوصل الى اتفاق. وقالت نينا سكيرو الاقتصادية في مركز أبحاث الاقتصاد والاعمال «إن عدم التوصل الى اتفاق يمكن أن يطيل فترة عدم اليقينويهدد بالتالي الاداء الاقتصادي».
وقال بول دريشزلر رئيس فدرالية الصناعة البريطانية، أكبر جماعة ضغط في مجال الاعمال في بريطانيا «في الوقت الحالي يبدو أننا نصل إلى أعلى قمة في رحلة تفعيل المادة 50» من معاهدة لشبونة.
وأضاف «في أية لحظة الآن .. سنهبط فجأة وندخل في تعرجات ومنعطفات المفاوضات».
وأوضح أن أسوأ نتيجة ستكون توصل لندن وبروكسل الى طلاق دون التوصل الى اتفاق تجاري جديد يسمح للشركات في الجانبين بالتحضير للكلفة الباهظة لخروج بريطانيا من السوق الاوروبية الموحدة.
وقالت ماي، التي وعدت بأن تخرج بريطانيا من السوق الموحدة لكي تتمكن من خفض مستوى الهجرة، أنها مستعدة لتطبيق البريكست دون التوصل الى اتفاق إذا ما كانت المطالب التي يطرحها مفاوضو الاتحاد الاوروبي مبالغ فيها.
وتحذر الشركات من مثل هذه النتيجة وتقول أنها ستضر بقطاعين رئيسيين وهما القطاع المالي القوي وقطاع السيارات الذي يشهد حالياً ازدهارا كبيرا.
وعلى سبيل المثال فإذا اجبرت بريطانيا على اللجوء الى قوانين منظمة التجارة العالمية للتجارة مع دول الاتحاد الاوروبي بعد خروجها من الاتحاد، فإن صادرات السيارات البريطانية ستواجه تعرفة جمركية تبلغ 10% على حدود دول الاتحاد الاوروبي.
وفي الوقت الحالي فإن أي إعلان تصدره شركات صنع السيارات بشأن نشاطاتها في بريطانيا تتسبب في قلق للحكومة، سواء كانت استثمارات شركتي نيسان وسندرلاند في شمال شرق انكلترا، أو خفض شركة فورد لأعداد الموظفين في ويلز، أو استحواذ مجموعة «بي اس ايه» علىمصانع فوكسهول.