لندن- موسكو – الزمان – باريس -اف ب
أكدت روسيا الإثنين أنها لن تغير خططها القاضية بنشر أسلحة نووية «تكتيكية» في بيلاروس، رغم الانتقادات الغربية الشديدة التي أثارتها.
وصرح المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافة «بالطبع، إن ردود فعل كهذه لا يمكن أن يكون لها تأثير على خطط روسيا»، بعدما أعلن الرئيس فلاديمير بوتين السبت أن التحضيرات ستبدأ اعتبارا من الشهر المقبل لنشر هذه الأسلحة في الدولة المجاورة الحليفة.
وأنهى جنود أوكرانيون تدريبهم في المملكة المتحدة على استخدام 14 دبابة من طراز تشالنجر 2 قدّمتها لندن لأوكرانيا لمواجهة الغزو الروسي، ما يمهّد الطريق لتسليم كييف هذه الآليات قريبًا، على ما أعلنت وزارة الدفاع البريطانية الاثنين.
وبدأ التدريب بُعيد إعلان المملكة المتحدة في مطلع كانون الثاني/يناير عن إرسال هذه الدبابات لأوكرانيا.
وقالت وزارة الدفاع البريطانية في بيان الاثنين «ترسل المملكة المتحدة دبابات تشالنجر 2 التي ستكون قريبًا في أيدي القوات المسلحة» الأوكرانية.
وكانت لندن قد تحدثت سابقًا عن تسليم كييف الدبابات في آذار/مارس.
وقال وزير الدفاع البريطاني بين والاس إن الجنود الأوكرانيين الذين خضعوا للتدريب ولم يُحدَّد عددهم، يعودون إلى أوكرانيا «مجهّزين بشكل أفضل لكن من دون أن تراجع مستوى الخطر» الذين يواجهونه.
وأضاف في بيان «نواصل الوقوف إلى جانبهم والقيام بكل ما في وسعنا لدعم أوكرانيا طالما اقتضت الحاجة».
وقال أحد الجنود الأوكرانيين الذين خضعوا للتدريب، في مقطع فيديو لوزارة الدفاع البريطانية «أنا أقاتل من أجل مستقبلي ومستقبل بلدي ومستقبل عائلتي».
وأعلنت المملكة المتحدة مطلع شباط/فبراير أنها ستدرّب طيّاري مقاتلات أوكرانيين، ما يفتح الباب على المدى الطويل أمام إرسال طائرات لأوكرانيا تتمتع بمعايير حلف شمال الأطلسي.
وتعتبر الدول الغربية أن أوكرانيا لها الحقّ في الدفاع عن نفسها، لكن البعض يتردد في تسليم أسلحة من شأنها تصعيد النزاع من خلال السماح لأوكرنيا بضرب روسيا. الأسبوع الماضي، أرسلت سلوفاكيا أربع مقاتلات ميغ-29 وعدت أوكرانيا بها، فيما وعدت بولندا كييف بالقيام بخطوة مماثلة.
بقرارها نشر أسلحة نووية في بيلاروس، حليفتها في مواجهة أوكرانيا، تعتمد روسيا نموذجاً يستخدمه الأميركيون في أوروبا، لكنّها تحيط بالشكّ حقيقة نواياها. وكما فعل مرّات عدّة منذ بدء قواته غزو أوكرانيا في شباط/فبراير 2022، يلوّح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالتهديد النووي لكي يثبت للرأي العام في بلاده تصميمه ويضغط على الحلفاء الغربيين لأوكرانيا.
وكما يحصل في كل مرّة، يقلّل المسؤولون والخبراء الغربيون من شأن دبلوماسيته النووية هذه.
- مثل واشنطن-
وأعلن بوتين السبت أنّ بلاده ستنشر أسلحة نووية «تكتيكية» في بيلاروس، الواقعة على حدود أوكرانيا وبولندا وليتوانيا.
ورفض منذ ذلك الحين تنديد الغرب بهذا القرار، معتبراً أنّ الولايات المتحدة نشرت منذ فترة طويلة أسلحة نووية في أوروبا.
وهذه حجّة واقعية، إذ إنّ واشنطن تنشر قنابلها في أوروبا منذ عقود وهناك دول عديدة في حلف شمال الأطلسي لديها صواريخ قادرة على حمل رؤوس تقليدية أو نووية. وكتب جيفري لويس الخبير الأميركي في مجال منع انتشار الأسلحة النووية على حسابه على تويتر «كنا نعلم ان روسيا تتقدم نحو اعتماد اتفاق مع بيلاروس يشبه اتفاقات حلف شمال الأطلسي. ليس هناك أي جديد في ذلك». واليوم، تملك ألمانيا وبلجيكا وإيطاليا وهولندا وتركيا رؤوساً أميركية. وكما هي الحال دائما مع اعلانات من هذا النوع، لا تعرف تفاصيل كثيرة والاسئلة لا تحصى.
وأعلن بوتين أنّ عشر طائرات بيلاروسية «مستعدة لاستخدام مثل هذا النوع من الأسلحة»، موضحاً أيضاً أنّه نقل صواريخ إسكندر القادرة على حمل رؤوس نووية. لكنه أشار الى «مستودع خاص» لتخزين أسلحة نووية في 1 تمّوز/يوليو.
وقال مارك فينو نائب رئيس «مبادرات نزع السلاح النووي (IDN) لوكالة فرانس برس، «في الوقت الراهن، ليس هناك أي اثر لهذا البناء ويبدو أنه من غير المحتمل أن يتم الانتهاء منه في غضون ثلاثة أشهر».
وأضاف «يمكننا الوثوق بكل الاقمار الاصطناعية للتجسس في العالم لمسح الأراضي البيلاروسية» والفصل بين الاعلانات والحقائق.
من جهته اعتبر الخبير الروسي المستقل بافيل بودفيغ أنه «من غير المرجح- من وجهة نظري مستحيل- أن يتم نقل أسلحة نووية فعلية إلى بيلاروس
وكما يحصل في غالب الأحيان، يلوّح بوتين بالتهديد النووي لكن بدون تغيير العقيدة. وواقع أنّه يستخدمه بشكل متكرّر، يتناقض مع تصريحات عامة تذكّر بمحرّمات السلاح النووي.
وفي كانون الثاني/يناير 2022، أي قبل شهرين من غزو أوكرانيا، وقّعت روسيا إعلاناً مع الأعضاء الأربعة الآخرين الدائمين في مجلس الأمن الدولي لإصدار بيان يذكر بانه «لا يمكن كسب حرب نووية».
لكن الوضع الجيوسياسي العالمي تغيّر منذ ذلك الحين. إلا ان بوتين ذكّر بموقف مشابه قبل بضعة أيام مع حليفه الصيني شي جينبينغ. وقالا بشكل مشترك إنّ «الطرفين يعلنان مجددا أنّه لا يمكن أن يكون هناك رابحون في حرب نووية وان مثل هذه الحرب يجب ألا تبدأ أبدا».
وقال مارك فينو من جانب آخر إن الرجلين ذكّرا أيضا بانه «يجب عدم وضع سلاح نووي في دولة أجنبية». ويؤكد الدبلوماسي السابق أنّ بوتين «ينتهك الموقف الثابت لروسيا
وكما يحصل مع كل تصريح لبوتين حول هذا الملف، تردّ الدول الغربية بحذر.
وقال جون كيربي مستشار الأمن القومي الأميركي «ليس لدينا أي مؤشر الى انه (بوتين) نفذ ما أعلنه او الى نقل أي اسلحة نووية».
وقال فينو إنّه «في الوقت الراهن، هذا إعلان. إن خطر التطبيق ليس فوريا»، حتى لو كانت كل فرضية لنقل رأس حربي نووي تزيد من مخاطر الخطأ أو القرصنة أو الحوادث.
لكنّ هذا الخطاب الروسي المتكرر «يزيد أيضا من الطلب على الردع في دول حلف شمال الأطلسي» كما يقول جيفري لويس مضيفا «هذا هو السبب الأساسي في أننا نرى السويد وفنلندا تبحثان عن الأمن عبر الانضمام الى حلف شمال الاطلسي».
والإثنين ذكرت الحملة الدولية لإلغاء الأسلحة النووية (ICAN) الحائزة جائزة نوبل للسلام عام 2017، بأنّ السلاح النووي «التكتيكي» يمكن أن يصل إلى 100 كيلوطن مقارنة فقط بـ16 فقط للأسلحة النووية التي «دمّرت هيروشيما وقتلت 140 ألف شخص» في آب/أغسطس 1945.