أوباما وطبول هرمز

أوباما وطبول هرمز
جرجيس العطوان
تشير كل المعطيات على ساحة الصراع العالمي الى ان نشوب حرب تقودها الولايات المتحدة ضد ايران بات امرا مستبعدا، الا اذا اجبرت ادارة اوباما على دخولها على مضض.
فالمنهج الذي اتبعته ادارة اوباما وراهنت على نجاحه يعتمد على توخي الحرب خلال المرحلة الراهنة معتبرة ان حربا ثالثة خلال عقد ونصف قد يكلف الولايات المتحدة ثمنا باهضا، سيما وانها قد تأثرت بشكل مباشرة بتداعيات الازمة الاقتصادية فضلا عن تكاليف الحروب الاخرى مما جعل مسألة الدخول في حرب مع ايران تعد مغامرة غير محسوبة العواقب قد تتحول الى مستنقع جديد يشبه ما حدث في العراق.
كما ان انسحاب الجيش الامريكي من العراق المجاور لايران بخط حدود يتجاوز 1200 كم قد وضع اشارات واضحة لعدم وجود نوايا للدخول في حرب جديدة، وان افراغ الساحة العراقية من التواجد العسكري الامريكي اعطى مجالا واسعا لكثير من التدخلات وعلى رأسها التدخلات الايرانية كما عززت فكرة الفرار الامريكي من المنطقة وترك مواقع استراتيجية هامة ومفصلية في حال نشوب مثل هذه الحرب، وهذا ما اكده نواب امريكيون من خلال اعتراضهم على سحب الجيش من العراق وتقديم البلاد على طبق من ذهب لطهران. اذا.. فحكومة اوباما تلجأ الى الانكماش وترميم البيت الامريكي من الداخل، وان انسحابها من العراق تحت ذرائع عدم اراقة دماء امريكية اخرى، وعدم التدخل في شؤون العراق الداخلية، لم تقنع اعضاء الكونغرس الامريكي والذين يعلمون بان السيطرة على منابع الطاقة وحماية اسرائيل هي من الاولويات الكبرى في السياسة الامريكية. طهران بدورها اطمأنت لعدم وجود بوادر حرب في الافق، فبادرت لابراز قواها العسكرية كرسالة موجهة لاسرائيل من جهة ولدول الخليج التي باتت تكن العداء لطهران من جهة اخرى، فغلق مضيق هرمز والمناورات العسكرية، والمماطلة في وضع حد لبرامجها النووية ياتي بعد الاطمئنان من عدم وجود حرب امريكية كان تعتقد انها وشيكة.
بقي فتيل واحد قد يشعل هذه الحرب ويجبر الولايات المتحدة على خوض غمارها على مضض، وهو ان توجه اسرائيل ضربة عسكرية لطهران وتنفذ ما يلوح به مسؤولوها بين الفينة والفينة، فهم يرون ان الوقت مناسب لهذه الحرب خصوصا وان الصراع بين الدول العربية وايران بلغ اعلى مستوياته، مما ينهي امكانية تعاطف قسم كبير من شعوب المنطقة مع ايران، كذلك ستكون ادارة اوباما مجبرة على دخول الحرب كطرف الى جانب اسرائيل، ولكن ستكون قد ضيعت مواقع ستراتيجية مهمة قد تسرع في حسم هذه الحرب، وهذا ما لاحضه نواب امريكيون وسجلوا اعتراضاتهم على سياسة اوباما، كما ان دول اوربا اقدمت على تعزيز قواتها البحرية في المنطقة لسد الفراغ الذي احدثه الانسحاب الامريكي من العراق في حال نشوب هذه الحرب.
/4/2012 Issue 4171 – Date 11 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4171 التاريخ 11»4»2012
AZP07