مقابلة الشعر تقارب قلبي وقلب الشعب العراقي:
أهتم جداً بإزدهار الأدب – نصوص- رزاق إبراهيم حسن
قام الباحث والروائي والأديب الياباني أتسومو أوكادا بزيارة العراق للمدة من الأول من آب وحتى الثالث عشر منه بدعوة من مركز كربلاء للبحوث والدراسات التابع للعتبة الحسينية الشريفة للمشاركة في المؤتمر العالمي عن المجدد العلامة الوحيد البهبهاني. وبعد إكمال المؤتمر ،كان للأستاذ اوكادا زيارة لبغداد ومقابلات مع عدد من الشخصيات الأدبية والثقافية في المشهد الثقافي العراقي. فزار دار الشؤون الثقافية العامة وجامعتي بغداد والمستنصرية وشارع المتنبي. والقى محاضرة ممتعة في اتحاد الأدباء والكتاب عن علاقته بالعراق والثقافة العراقية عنونها “العراق وأنا”،وقد كرمه رئيس الاتحاد الدكتور فاضل ثامر بدرع الاتحاد. وعلى هامش هذه المحاضرة كان للقسم الثقافي في جريدة الزمان هذه المقابلة معه.
{ قدم نفسك للقارئ العراقي؟
– أنا كاتب روائي وباحث فلكلوري ومترجم عربي-ياباني
{ كيف بدأ اهتمامك بالتراث والفلكلور والأدب العراقي، وما الذي دفعك لهذا الاهتمام؟
– لا أنكر أهمية الشؤون الساسية التي تنعكس دائماً على حياة الشعب. ولكن حياته الاجتماعية القائمة على العادات والتقاليد ذات تيار خاص حيث تكون الحكم الشعبية متوفرة ومتراكمة. لذا أتجه تلقائياً إهتمامي إلى التراث والأدب العراقي.
{ هل توجد سمات مشتركة بين الأدب العربي والياباني؟
– هناك عبارة خاصة تمثل اهتمام اليابانيين عموماً والمثقفين أو ألأدباء اليابانيين خصوصاً “الحب للزهور والطيور والأرياح والقمر” . تعني هذه العبارة اهتمامهم بالأشياء الطبيعية حيث لا يعبرون عن مشاعرهم مباشرة ، وإنما يعبرونها غير مباشرة بواسطة جمالها وظواهرها ، وخاصة في مجال الشعر الياباني مثل “هايكو”. هذا هو أحس به دائماً مقارنة بالأدب العربي.
{ ما الذي أثارك في الأدب العربي من ظواهر وحقائق ؟
– أنا أهتم جداً بازدهار الأعمال الأدبية المعاصرة في العراق على خلفية حرية التعبير منذ سنة 2003.
{ لماذا اخترت الاهتمام العراق مكانا وموضوعا لاعمالك الروائية؟
– إلى الآن، أنا قمت بجولات في بعض البلدان العربية وشاهدت فيها أشياء كثيرة. ولكنها كانت بمثابة ” street view” للغوغل. فإذا رغبت في كتابة رواية، أحتاج إلى خبرة كافية للعيش مع عامة الناس بعيدة عن street view . ولم يكن لي مثل هذه الخبرة إلا في العراق.
{ هل تنتمي رواياتك الى الادب العراقي ام الياباني
– عندما أكتب شيئاً عن العراق، أتساءل دائماً “هل أستطيع أن أكتبه باستخدام اللغة اليابانية؟”
طالما أنني كتبت روايات باللغة اليابانية، فإنها تنتمي إلى الياباني حيث أنوي أن أقدم إلى قراء يابانيين وجهاً من أوجه حقائق وظواهر الحياة الاجتماعية للشعب العراقي.
{هل اطلعت على الرواية العراقية ؟مالذي استفدته منها؟
– لم أقرأها كثيراً، ولكنني أقول “نعم” ، وتحديداً الروايات التي تتناول التغيرات الاجتماعية في أيام الحصار مثل “غائب” بقلم بتول الخضيري أو أيام ما بعد سقوط النظام الصدامي مثل “الحفيدة الأميركية” بقلم إنعام كجه جي. وتعلمت طبعاً من خلال قراءتها كثيراً من حقائق وظواهر حياه الشعب العراقي آنذاك منها حالاته النفسية والاجتماعية.
{ معروف انك سكنت في منطقة شعبية في بغداد،ما الذي انعكس من ذلك على رواياتك؟
– تعلمت أشياء كثيرة من سكان المنطقة الشعبية ، وأبرزها روح الكرامة التي كان سكان المنطقة يحتفظون بها، رغم وجود الصعوبات الحياتية اليومية.
{ هل اقمت اتصالات مع ادباء عراقيين خلال اقامتك في العراق؟وما الذي بقي في ذاكرتك
منها؟وهل وجدت اختلافا عنها في زيارتك الحالية؟
– لا، لأنني كنت أشتغل في شركة يابانية متعاقدة مع وزارة الصحة لتنفيذ بناء وصيانة 13 المستشفى العام في العراق، رغم أنني كنت قد بدأت كتابة الروايات قبل دخولي للعراق بسنوات. ولكنها كانت لم تتناول الشؤون العراقية.
{ كيف استقبل اليابانيون كتاباتك عن العراق وما الذي اثار اهتمامهم فيها؟
– لدى معظم القراء اليابانيين، تركت كتابتي عن العراق انطباعاً حسب قول بعضهم بأنني عشت مع الشعب العراقي حيث أحس حيناً بتقارب بين قلبي وبين قلب الشعب العراقي، وأحس حيناً آخر بتباعد بيني وبينه.
{ ان سكنك في منطقة شعبية حالة غير مسبوقة ؟هل هو تقليد ياباني في كتابة الرواية؟وهل كتاباتك عن العراق تنتمي الى مرحلة ادبية معينة؟
– أنا ساكن في منطقة ريفية، إحدى ضواحي طوكيو. لذا لم تكن لديّ خبرة عن السكن في منطقة شعبية في المدن مثل منطقة الحرية الثانية. لماذا أخترت الرواية ؟ فكنت وما زلت لا أريد أن أكون ناقداً للحياة الشعب العراقي، وإنما أريد أن أعيش معه. ومن هذا المنطلق، فإن أنسب سبيل لتعبير مشاعري هو الرواية، وأنا فاخر بأن محاولتي الأدبية هي وحيدة وفريدة في الأعمال الأدبية اليابانية
{ ما الذي اثار اهتمامك من مشاهد وظواهر عراقية؟
– كلما شاهدت وضع الحياة العراقية، أتساءل هل النفط المتوفر تحت الأراضي العراقية هو مصدر للسعادة أو للتعاسة؟ إذ كانت بلاد الرافدين دون النفط بمثابة الجنة في القدم. كما في أيام الحصار في التسعينات، دبر العراقيون كل شيء بأنفسهم دون الاعتماد على النفط
{ هل انعكست الظروف الصعبة في الثمانينات والتسعينات على كتاباتك؟
– جداً جداً. إذ إنني ولدت في سنة 1945، أي سنة انتهاء الحرب العالمية الثانية. لذا لم تكن لديّ خبرة للحرب بالذات. ولكنني عندما دخلت إلى العراق في سنة 1983 لأول مرة وشاهدت حقائق عديدة لحياة الشعب تحت الحرب منها دموع أفراد عوائل الشهداء مثلاً وتأثرت بهذه الحقائق وبالتالي فأنها انعكست على روايتيّ “الحرية الثانية” و”وادي الرافدين”.
{ هل كتبت اشياء اخرى عن العراق ؟ما هي؟
– أكتب حيناً بعد حين مقالات في مجلة “العرب” اليابانية ومنها مقال بعنوان “تخلصوا من سلسلة الكراهية” حيث تناولت تعاوناً بين الطوائف الدينية لإنقاذ الضحايا الذين سقطوا من جسر الأئمة في سنة 2008، وذلك تجاوزاً للصراعات بين الطوائف وتحديداً بين أهل السنة وأهل الشيعة. ويجب أن يكون جسر الأئمة رمزاً إلى “التصالح” ليس إلى “الصــــراع”.
{ ما هي فكرتك عن المثقف العراقي وما الذي تتامل منه مستقبلا؟
– المثقف العراقي له دور كبير للوحدة الوطنية. ولكنه ليس من الضرورة أن يصرخ بشعار سياسي، وإنما يجب أن يعلم حقائق الوضع العراق دون تحيز
{ هل وجدت اختلافا بين عراق اليوم والعراق الذي عشته في شبابك؟
– حرية التعبير. ففي نهاية سنة 2012 زرت العراق لأول مرة بعد الحرب على العراق في سنة 2003. وأحسست بحرية التعبير السائدة في الشعب العراقي وتعجبت كثيراً بذلك. وهذا هو أبرز خلاف للجو السياسي المحيط بحياة الشعب العراقي في الثمانينات. ولكنه في الوقت نفسه، يجب أن أشدد على أن حرية التعبير هي وجه من وجهي المسكوكة. إذ هناك وجه آخر لها هو الفوضى (الخربطة)



















