أنشودة‮ ‬غيم‮ ‬ – نصوص – ‮ ‬شادية السعيد

أنشودة غيم  – نصوص –  شادية السعيد

فى ليالي الشتاء الباردة عدت أرسم فى سجني لوحة باهتة تسافر بي حيث ظلال الشمس والثلج الناعس يحاكي قشور جلدي ويكتب بخط مستطيل حروف قدري– أنها ليلة عرس نرجس كانت تغني مع النيل الأرزق – أنها حقا ليلة بل نقاء تشتاق ألى ذاك الجسد أن يلف شباك الرغبة حولها ونسيت أن سيد القرية نالها فى أول لقاء تحت قهر الجوع والذل أصبحت بلا حياء أنتصر السيد على الرعاة كانت تاتي اليه زاحف وصوت التراب يرعد مع نافذة الموت وطمي الزرع يملا الوجوه برائحة العار صار حفلا بل غناء أو موسيقى كبرياء تضرب بالفأس فى عنق ذاك الدجال الذى أشار على سيد القرية أن ينال من كل النساء ويلصق رائحة الوشم بالذل لكي لايبقى على الأرض سيد غيره فهل سأل اللص عن الحرام والحلال فى يوم الحصاد تاتى العصافير بلون الحداد تضع تاجاً من الشوك على راس أطفال الزنا وياتي الجلاد يطحن العظام ويبعثر الرماد على افئدة الجهلاء عجبت لمن يبيع العرض ومازال يدفن بالارض رغم ان الزيت ما عاد ينمو بالحقل – وضعت نرجس فى ليلة العفاف طفلة غريبة الأطوار وأنطلق ملح الطغاة يعطر عرس تلك الفتاة فرغب بها سيدها من جديد وأرسل زوجها ألى القبر فهل  يحتاج أن يشم الهواء فى صدر نرجس صعلوك من الجن أراد أن يعاشر تلك الفتاة فصب الزيت فى جسد الشجر وانتشل الطفلة التى كانت تتجمل بروث البهائم وتتعطر بدم السجناء وقفز في نهر من قواقيع البشرياكل أحشاء الخرفان ثم يعود يتسلق شعر تلك الفتاة التى أصبحت بطول الأرض وعرض السماء ويا ويل من يخرج بعد أن تهدأ الرياح وتسكن الامطار فى قاع الجبال لم تكن توجد أي معالم أثارية أو ملامح أوصور أبطال ولا أبار تسبح فيها مرايا الأنسان – نسج الشيطان صور بيوت من الخبز على حافة ذاك النهر تسبح نرجس عارية ليلا لكي ترى أبنة النضال كيف تمشط شعرها النحاسي الذي يضطجع عليه الاف الرجال بلا نسل بلا تاريخ بل زمن يحدد الأصول والأعراف لم تكن سوى دبابيس من أحتلال البشر ولعنة ظلم تطارد العار. تسلل السرطان ألى الأرض فاصبحت عقيماً لاتلد غير الغربان ونرجس حافية بلا ساق ولاقدم تم بتر نصف جسدها هكذا تقول الأساطير حتى لاتلد ابناء من رحم الشيطان وكانت صغار الأفاعي تمشي فى طابور متوزاي تردد ترانيم الأنتقام وتقف على مسرح الجبانات القديمة حيث قبر الزوج الذى طار بين فصل وفصل من الغروب يستمع الى بكاء الضحى عندما يغمر الدم بيوت الفقراء وياتي الطاعون كالشلال يغرق وشاح الغفران فى غيوم الثبات – تتمايل أبنة نرجس بالرقص على نوافذ القرية تغلق الأبواب وتصرخ الأموات وتدفن بقايا الأحياء ونرجس لازلت تمسح دمعة أنسابت على خد التراب

كانها ترسل خطابا ألى السماء

هل تسمعينني إيتها الحبيبة السمراء

لم يكن معى غير الله

هل تسمعنني الأن – فلم تر غير أرض جراء وأياد معلقة بالثأر تصفق للنحر فمن رضا بالذل يكون لليل فداء وقربان ومازالت تلك القرية كالشريط العاكس للغيم لا يعيش فيها طفل وفى كل عرس جنازة تخطف فيها النساء ويقتل الرجال والزرع لايحصد الأ باصابع البرق عندما تصــــــفق أبنة نرجس تخرج الحيات تمص لبن الاطفال وترمي الجلود فى البحار حـــــــيث سفن أبليس ترصد أبواب الدعاء فلا صلاة بعد الموت تنجي غافلاً من عذاب القبر – أنها أنشودة غيم أمطرت شهباً من الشمع فاحترق قلب الام على طيور معلقة فى قفص بل صوت هكذا كانت نرجس تغزل من شعرها لأبنتها أكليلا من الصمت يغزو وباء الامس فنطق الفأس لم يعد الورق يكتب ثورة الخبز على غيوم التراب .