أنا عراقي أنا أقرأ – غزاي درع الطائي
يمكن أن نعدَّ يوم السبت الخامس من تشرين الثاني الجاري يوما وطنيا للكتاب، فقد أُقيم فيه مهرجان القراءة الكبير (أنا عراقيٌّ…أنا أقرأ) في نسخته التاسعة، في العاصمة بغداد وست محافظات، هي: البصرة، ميسان، الديوانية، ديالى، الأنبار، ونينوى، في التاريخ والوقت نفسه، وقد اختار المهرجان الشاعر مظفر النواب اسماً لهذا الموسم، تخليداً لاسمه الكبير في عالم الشعر بقطبيه: الشعبي والفصيح، وبوصفه رمزاً أدبياً ووطنياً، وجرى في هذا المهرجان توزيع أكثر من (70) ألف كتاب مجانا، وتضمن المهرجان فعاليات ثقافية عديدة، مثل: حفلات توقيع الكتب، تجمعات للقراءة الجماعية، معارض تشكيلية وفوتوغرافية، ندوات ثقافية مختلفة، ومعزوفات موسيقية، وقد دعم الإتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق المهرجان بـ (2000) نسخة من كتاب (مختارات من شعر مظفر النوّاب) بطبعة جديدة صدرت خصيصاً لدعم (أنا عراقي…أنا أقرأ)، وكان الإتحاد قد أصدر الطبعة الأولى من هذا الكتاب عام 2017 لمناسبة ترشيح النوّاب إلى نوبل للآداب، وحرص على ترجمة جزء منه الشاعر والمترجم د.هيثم الزبيدي، وتميّزت هذه الطبعة بزيادتها، وتنقيحها ومقدمتها التي أشرفت أنا عليها، فضلا عن وجبة من منشورات الإتحاد وكتب أخرى للأدباء حرص الإتحاد على جمعها للمبادرة الثقافية المجتمعية القيّمة، بما يقرب من (3000) كتاب، فيما قدَّمت وزارة الثقافة والسياحة والآثار للمهرجان مئات العناوين من إصدارات دوائرها بشتى صنوف الفكر والثقافة والإبداع والكتب المترجمة والمجلات الدورية التي تصدرها الدوائر. ويمكن القول إن الكتاب اليوم يستعيد عافيته ويعود من جديد إلى الساحات الثقافية والأدبية والعلمية والفنية باقتدار، وتعود القراءة بوصفها قوة تأثيرية فاعلة من أجل التطوير المهني ولتطوير المهارات والقدرات المهنية، وعندما شهدت معظم دول العالم انتشار جائحة (الكورونا) فيها، بدءا بالعام 2019? واضطر الناس إلى أن يلزموا بيوتهم، أثبتت الكتب أنها خير جليس وأنفع أنيس وأوفى صديق، وأنها وسيلة فعالة لمكافحة العزلة، وأن لها القدرة الكبيرة على تعزيز الروابط بين الناس، وتوسيع الآفاق الثقافية والمعرفية لهم، وتحفيز عقولهم من أجل المزيد من الإبداع.إن الكتاب نور مكنون من الأفكار والعلوم والمعارف يندلق عندما نفتحه لينير العقول والقلوب والأرواح، وليوسِّع الإدراك ويعمِّق الوعي ويفسح المجال للخيال لأن يتحرك في الآفاق، ويهذب النَّفس ويفتح أبواب البصيرة على مصراعيها، ومادمنا نتحدث عن الكتاب فلا بد من أن نشير إلى أن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو(UNESCO? قد أقرت منذ عام 1995اليوم العالمِي لِلكتاب وحقوق المؤلف (World Book and Copyright Day)? واتخذت من يوم 23 أبرِيل / نَيسان من كل عام يوما سنويا له، وكان سبب اتخاذ هذا اليوم تحديدا لأنه يوافق ذكرى وفاة ثلاث قامات سامقة من الأدباء العالميين، كلهم كان تاريخ وفاتهم (23 نيسان 1616م)، وهم كل من: الشاعر الإنكليزي وليم شكسبير، الكاتب والشاعر الإسباني غارثيلاسو دي لا فيغا، والكاتب المسرحي والروائي الإسباني ميغيل دي ثيربانتس، وضمن احتفالات منظمة اليونسكو بهذا اليوم، تقوم بالتعاون مع منظمات دولية معنية بصناعة الكتب، باختيار مدينة من مدن العالم لتكون عاصمة دولية للكتاب، وكانت السيدة أودري أزولاي، المديرة العامة لليونيسكو، قد وجهت رسالة اليونسكو السنوية لمناسبة اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف لعام 2022? ومما جاء في هذه الرسالة: ((إن الاحتفال باليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف إنما يتمثل في تعزيز التمتع بالكتب والقراءة. وفي 23 نيسان/ أبريل من كل عام، تُقام احتفالات في جميع أرجاء العالم تبرز القوة السحرية للكتب بوصفها حلقة وصل بين الماضي والمستقبل، وجسراً يربط بين الأجيال وعِبر الثقافات))، وأضافت: ((يعد الكتاب حقا وسيلة ضرورية للانتفاع ??لمعارف ونقلها ونشرها في ميادين التربية والتعليم والعلوم والثقافة والإعلام في جميع أرجاء العالم)).إن مهرجان (أنا عراقيٌّ…أنا أقرأ) تظاهرة ثقافية ومعرفية كبيرة، ومبادرة مجتمعية تنويرية لامعة، وأتمنى على القائمين على المهرجان أن تتوسع رقعة النسخة العاشرة للمهرجان لتشمل كل محافظات العراق الحبيب، وأن يكون تاريخ أقامة المهرجان 23 نيسان القادم، ليكون متزامنا مع اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف، وبذلك يكون النشاط الوطني متناغما مع النشاط العالمي، وهذه تحية مباركة طيبة كبيرة لمهرجان (أنا عراقيٌّ…أنا أقرأ) وللقائمين عليه ولداعميه وللمساهمين فيه.