أقسمت اليمين الدستورية على منصبي وزيراً في أول حكومة للبعث عام 1968 بعد أن تعهد البكر إجراء انتخابات وحل مشكلة الشمال
مذكرات السياسي الكردي الدكتور إحسان شيرزاد
يختتم إحسان شيرزاد وعبد الفتاح الشالي كتاب استقالتهما الثالثة الى رئيس الوزراء الفريق طاهر يحيى بالقول
سيادة الرئيس، ما لم تعمل الحكومات لجلب ثقة شعوبها خلال نتائج أعمالها وأقوالها ووعودها، فلا يمكن ان تعاتبها على عدم تأييدها. وان وجود كل هذه الفئات المخلصة في بلدنا وطموح كل الفئات للتوصل الى الحكم عن أي طريق كان، لا يمكن معالجتها إلا بإشراك ممثلي الشعب المخلصين في تسيير ذمة الحكم بالانتخابات.
مما تقدم، وإستنادا الى المذكرات السابقة التي قدمناها، نرجو قبول استقالتنا مسجلين لكم شكرنا وامتناننا للثقة التي اولانا بها السيد رئيس الجمهورية، وما أوليتمونا انتم ايضا مقدرين فيكم الاقدام والاخلاص والدراية، داعين المولى القدير ان يوفق الجميع لما فيه المصلحة العامة متمثلين بقوله تعالى فأما الزبد فيذهب جفاءً واما ما ينفع الناس فيمكث في الارض’ صدق الله العظيم.
آملين ان ما حققناه في مجالات عملنا في الوزارة من تثبيت أسس للنهوض بها وايجاد واقتراح الجهاز الفني والاداري، يبقى موضع للدراسة والتطبيق اذا ظهر صلاحه، مؤكدين لكم استعدادتنا للعمل ومساهمتنا في الخدمة العامة، سواء في حل مشكلة الشمال او اي مشكلة اخرى موجودة او طارئة اذا طلبتم منا ذلك، والله وراء القصد.
إحسان شيرزاد
وزير البلديات والاشغال» عبد الفتاح الشالي وزير شؤون الشمال
الخميس » » الاستقالة الرابعة من حكومة رئيس الوزراء طاهر يحيى
بسم الله الرحمن الرحيم
سيادة رئيس الوزراء الفريق طاهر يحيى المحترم
نرجو ان تسمحوا لنا بعرض ما يلي
تعلمون يا سيادة الرئيس اننا قدمنا استقالتنا في » » ، وها قد مضى شهر ونصف لم يجر فيه البت بها، ونحن منقطعون عن جلسات مجلس الوزراء والدوام في وزارتنا منذ ذلك التاريخ. ان ما لمسناه من لدن السيد رئيس الجمهورية ومنكم شخصيا، من تفهم وتجاوب للمواضيع التي كنا قد طرحناها في كتاب استقالتنا، وما لمسناه من روح ايجابية من الاطراف المعنية المخلصة لحل القضية الكردية بطريقة سليمة واضحة. وما شعرنا به فيكم من ثقة نتبادلها بكل اخلاص وتجرد، كل ذلك ادى بنا الى ان نعمل ضمن اطار واقعي مستمد من المصلحة العامة، ومن ضرورة تثبيت ركائز الوحدة الوطنية في عراق الجميع.
وقد بينا هذه الاسس للسيد رئيس الجمهورية ولكم في مقابلاتنا ومذكراتنا، مما جعلنا بالتالي نركز على الامرين التاليين كخطوات أولية في تنفيذ مخطط جعل العراق موحدا وقويا، يتمكن من التغلب على مشكلاته الداخلية، وليتمكن من المساهمة الفعالة في معركة الشريف والحق ضد الامبريالية والصهيونية العالمية وهذان الامران هما
1 ــ تخويل اللجنة الوزارية لحل مشكلة الشمال، الصلاحيات التي بها تمكنها تطبيق الخطة في حل المشكلة وتنفيذ بيان 29 حزيران في اقصر وقت ، وهذا هو ما يتطلبه المنهج الوزاري، وحرام ان يمضي اكثر مما مضى وهو السنتان ولم تنته المشكلة بعد.
2 ــ التخطيط لتشريع وتنفيذ قانون المحافظات الذي اكد عليه المنهج الوزاري مع التخطيط لتكوين مجلس الامة المنتخب واجتماعه، وقد سبق ان بينا تفصيليا المبررات والامكانيات المتوفرة لتنفيذ ذلك بكل سهولة. وكان البرنامج المقترح الاخير وضع منهج لتأمين مجالس المحافظات في ذكرى رمضان سنة 1969 ، واجتماع مجلس الامة المنتخب في ذكرى ثورة 14 تموز المجيدة سنة 1969.
ان الاستمرار في بقاء وضعنا بهذا الشكل غير المستقر دون أخذ تأثير الوقت بنظر الاعتبار. جعلنا ياسيادة الرئيس نشعر بان القضايا جميعا قد تتضرر في جوهرها، بدلا من ان يكون هذا الوضع اسلوبا للتوصل الى الحل، لذا نرجو اعلامكم اننا بعد ان انهينا التزاماتنا بأمل ان تتفضلوا وتعملوا على استصدار المرسوم الجمهوري بقبول استقالتنا ، شاكرين للسيد رئيس الجمهورية ولكم ثقتكم بنا طيلة مدة عملنا مؤكدين استعدادنا في المساهمة لما فيه المصلحة العامة مكررين قوله تعالى فأما الزبد فيذهب جفاءً واما ما ينفع الناس فيمكث في الارض’ صدق الله العظيم.
إحسان شيرزاد
وزير البلديات والاشغال» عبد الفتاح الشالي» وزير شؤون الشمال
» »
السبت » » صدرت في هذا اليوم مراسيم جمهورية بقبول استقالتي واستقالة عبد الفتاح الشالي وصدرت مراسيم اخرى بملء هذا المنصب وكالة، فقد تم تعيين عبد الكريم فرحان وزير الزراعة والاصلاح الزراعي وزيراً للبلديات والاشغال بالوكالة، وحمودي مهدي وزير الدولة لشؤون الاوقاف وزيرا لشؤون الشمال بالوكالة.
الجمعة » » تركنا بغداد الى بيروت مساء وبسبب عدم تنظيم الخطوط الجوية العراقية، تعطلت الطائرة في المطار ساعتين عن الاقلاع، وصلنا بيروت، وكان في استقبالي غالب بك الترك محافظ جبل لبنان.
الاثنين » » وصلنا لندن مساء وكان في استقبالي موظفو السفارة.
الاربعاء » » ثورة تموز
ايقظني صوت التلفون في الشقة في كوينس كيت، لندن، فاذا بـ د. مردان علي مدير مستشفى مدينة الطب يعلمني بحدوث ثورة في العراق، دون معرفة التفاصيل واتصل بي فؤاد عارف ايضا مؤكدا الخبر. والجرائد في لندن كتبت عن الثورة، ووصفتها بان الجهات اليسارية هي التي قامت بها، وقد اعلنت ان رئيس الجمهورية قد تم تسفيره الى خارج العراق وسيلحق بعائلته في لندن.
جميع العراقيين يتعقبون القضية ليعلموا تفاصيل اكثر عن الموضوع ولكن دون جدوى التكهنات جميعا لا اساس لها، وقد وصل عبد الرحمن عارف مساء اليوم الساعة العاشرة والنصف الى لندن حسب ما اعلمنا، وقد عرفنا بأن أحمد حسن البكر وجماعته، وكذلك ضباط القصر الجمهوري هم الذين قاموا بالحركة. البيانات التي اطلعنا عليها كانت مطمئنة وباتجاهات سليمة.
الخميس » » علمنا في لندن باختيار أحمد حسن البكر رئيسا للجمهورية وتعيين أمر الحرس الجمهوري المقدم ابراهيم الدوود نائبا للقائد العام، وترشيحه الى رتبة فريق، ولحد الان لم تعلن تفاصيل عن تشكيل الوزارة، والاشاعات بين العراقيين بشكل كل يؤول حسب رأيه.
مساء اقترح فؤاد عارف ان نذهب سوية الى عبد الرحمن عارف للسؤال عنه، باعتباره صديقا له ومنكوبا، وفي الطريق رأينا فيصل العرس، حيث كان في زيارة للرئيس عارف، وأخبرنا ما أخبره من كيفية وقوع الثورة، حيث أيقظه المرافق على أثر شعوره بحركة الدبابات حول القصر، ثم إتصاله بالحرس، وجواب حردان التكريتي عليه وطلبه التسليم، ثم عندما علم بان ضباط القصر هم مشتركون سلم الامر، وزارة مركز الحرس واطلع على الاشخاص الذين كانوا هناك، وهم أحمد حسن البكر، وحردان التكريتي، وصالح مهدي عماش وابراهيم الداوود وسعدون غيدان، فنقلوه الى دار حردان التكريتي ومن ثم سفر الى لندن وعند لقائنا مع الرئيس عارف لم نسأله عن الوضع اطلاقا وجرى الحديث حول نجاته، وقال انه يفكر في المعيشة باسطنبول.
وقد كانت الاخبار تدل على عدم حدوث اية حادثة دموية في الثورة، وفي هذا المساء التقينا مع د. عزت مصطفى وهو متهيئ للسفر الى العراق، وجلسنا معه، وكان فؤاد عارف وأوضحنا له اهمية حل القضية الكردية وقد اكد هو ايضا هذا الاتجاه.
الجمعة » » في هذا الصباح ايقظني التلفون وكان د. الصادفي حيث أعلمني بتشكيل الوزارة برئاسة عبد الرزاق النايف، ووجود اسمي واسم محسن دزهيي بين الوزراء، ثم أخبرني فؤاد عارف بالشيء نفسه، وما كان إلا ان ذهبت الى دار السفارة حيث السيد طه محي الدين، وفؤاد عارف ثم جاء عبد الرحمن البزاز واطلعنا على بعض أسماء الوزراء، ومنهم ناصر الحاني ومهدي حنتوش، وصالح كبه ود. عزت مصطفى، واحمد عبد الستار الجواري، وغيرهم وعلى اساس ان اكون وزير الاشغال والاسكان، بعد فصل البلديات عن الاشغال، واطلعنا على البيانات الصادرة التي كانت كلها مطمئنة للاتجاه السليم.
السبت » » لم ترد الى السفارة لحد الان اية معلومات رسمية حول تشكيل الوزارة وان السند في جميع ذلك الانصات الى الاذاعة، التي لا تسمع جيدا عادة.
الاحد » » جلبت لي جريدة الثورة، وقد اطلعت فيها على تشكيل الوزارة، وقد تأكد اختياري وزيرا للاشغال والاسكان، وكذلك بيانات رئيس الوزراء حول الوضع والاتجاه السليم وقد علمنا من القادمين قرار حجز الاموال، الذي نشر في الجريدة ايضا وحجز بعض الاشخاص كطاهر يحى وبعض الوزراء واخرين.
الاثنين » » زرت السفارة وقد أخبرت رسميا باختياري وزيرا، ابرقت الى رئيس الوزراء بواسطة الخارجية البرقية التالية
رئيس الوزراء
بغداد
أهنئكم وفقكم الله لما فيه خير البلاد، واشكركم على الثقة التي أوليتموني بها.
ان البيانات والتصريحات التي اطلعت عليها، وخاصة فيما يخص مشكلة الشمال والاتجاه الديمقراطي، والاصرار على استرداد الحق العربي في فلسطين يضمن الاتجاه السليم اذا ما اقترن بالتخطيط والتنفيذ السريع.
وفي هذا اليوم بلغت باختياري وزيرا، ارجو اعلامكم ان الارتباطات العائلية في لندن يجعل وصولي الى بغداد يوم الجمعة تموز.
لي دراسة حول فصل البلديات عن الاشغال، أرجو ان أساهم في وضع أسسها عند عودتي .
الثلاثاء » » الاخبار ترد حول هدوء الحالة والمضي في تثبيت كيان الثورة، وتشكيل مجلس قيادة الثورة.
الجمعة » » غادرنا مطار لندن الى براغ، وكان فؤاد عارف معنا ايضا، الذي نزل في براغ وتابعنا السفر الى اسطنبول، فبغداد حيث وصلناها ليلا، وكان في استقابلنا جمع غفير جدا من الاقارب والاصدقاء، وكان محسن دزه يي هناك ايضا مع قسم من الوزراء، وقد اطلعوني على تشكيل الوزارة واعلمني محسن ان الاتفاق حصل على اشراكي واشراكه، اضافة الى عبد الله النقشبندي ومصلح النقشبندي، والحكومة تتجه اتجاها صحيحا نحو حل القضية الكردية التي هي من اهم المشكلات.
السبت » » قابلت محسن دزه بي صباحا في مكتبه وبعد الاطلاع على تفاصيل أكثر عن الثورة واتجاهها، وتأييد الملا مصطفى البارزاني للحل السلمي، والنيات الصادقة لدى الحكومة حول الموضوع والاتجاه الديمقراطي، اتصلت برئيس الوزراء واتفقنا على الاجتماع الساعة الثانية عشرة ظهرا.
قابلت السيد عبد الرزاق النايف واطلعته على رأيي حول الموضوع مركزا على وجوب حل القضية الكردية وفق بيان 29 حزيران. فوافق على ذلك ثم ابلغته اني كنت قد استلقت من الوزارة على أساس مشكلة الشمال، ووجوب حلها جذريا وفق بيان 29 حزيران ، وعلى أساس اجراء الانتخابات لمجلس الامة قبل 14 تموز 1969 والمحافظات خلال ستة اشهر ، وقد أيد رئيس الوزراء كل ذلك كما ذكرته، وقد سجلت ذلك لدي.
وفي الساعة الثانية بعد الظهر ذهبنا برفقة رئيس الوزراء الى السيد رئيس الجمهورية، وقد اكدت له ما قلته للسيد رئيس الوزراء فوافق على ذلك، وعند ذلك اقسمت اليمين.
الاحد » » حضرت اجتماع مجلس الوزراء وكانت الاتجاهات والمناقشات طبيعية وقد رحب بي السيد رئيس الوزراء، مادحا صفاتي في خدمة المصلحة العامة. وكنت قد اجتمعت قبل ذلك بالسيد رئيس الوزراء، وبحثت معه حول جميع النقاط التي بحثناها البارحة، خاصة قضية الشمال، حيث بين تشكيل لجنة أكون أنا أحد اعضائها، الى جانب محسن درزه يي، مهام هذه اللجنة وضع الخطة العملية لحل المشكلة، وكذلك بينت له خطة فصل البلديات عن الاشغال مبينا له الاساس الذي أراه في الفصل.
رفعت كتابا الى رئاسة ديوان مجلس الوزراء، أوضحت فيه اسس فصل البلديات عن الاشغال.
/5/2012 Issue 4199 – Date 14 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4199 التاريخ 14»5»2012
AZP07