بغداد- الزمان: وصف استاذ الادب المقارن في الجامعة المستنصرية، الدكتور صبحي ناصر حسين، المجموعة الشعرية (اشواق في الغربة) للشاعر العراقي، عدنان الجزائري، بانها قصائد تعيد إلى القصيدة العربية الكلاسيكية، ألقها وجمهورها.
وكتب يقول: موسيقى الشعر عنصر جوهري في تشكيل النص الشعري، وهو يقوم بوظيفة جمالية مع غيره من عناصر تشكيل النص الشعري، إذ يكمل بقية العناصر، ويؤازرها في الوقت نفسه، ويكون بعد ذلك ذا علاقة بالصورة الشعرية وتقنيات الشكل، على هذا تتأثر موسيقى الشعر بحركة هذه العناصر، وما يطرأ عليها من تغيير، وتتطور موسيقى الشعر بتطور هذا الشعر حين يصبح الوزن حاضناً لتجربة الشاعر، وللحظة تشكيل النص .
صحيحٌ، ان الوزن وقافيته هو جوهر تمييز النوع الادبي (الشعر) عن غيره من الانواع الأدبية الاخرى ولكن تظل هنالك عناصر جوهرية لا يتحقق الوزن إلا بها، ومنها الصورة الشعرية والمجاز .
هذه المقدمة الموجزة هي مدخل للكلام عن المجموعة الشعرية التي قدمها الينا الشاعر عدنان هادي الجزائري بلا عنوان آملاً مني عنواناً مناسباً، وانا إذ اربط المجموعة كلها ثم عنوانها المقترح (اشواق في الغربة) بالإضاءة التي ذكرناها ، لا ابتعد عن القول بان هذا الشاعر تنطبق عليه مسألة استقاء واستنباط اوزانه من تجربته الشعرية الى حد كبير.
المجموعة بقصائدها السبعة والعشرين في سبعة بحور الخليل، البسيط والكامل والوافر ومجزوء الرمل والسريع المتقارب.
للبسيط الحصة الكبرى بإحدى عشرة قصيدة ثم الطويل في خمس قصائد، فالكامل أربع، والوافر ثلاث، واثنتان لمجزوء الرمل وقصيدة واحدة لكل من السريع والمتقارب.
إن تجارب الشاعر موزعة بين الوطن والغربة ولعل هذا هو الذي دفعني الى اختيار العنوان المقترح للمجموعة الشعرية.
لو نظرنا، بل لو عدنا إلى اوزان الشاعر فاننا في التجربة التي قلنا عنها إن الاوزان تجسد تجربته الشعرية، فليس أَدلّ على ذلك مما اتى به الشاعر في قصائدهِ سواء اكانت في بلده ام في الغربة.
اما عن البحر البسيط الذي قال عنه الكثيرون ما لا يستوجب تكرارُهِ هنا، فقد وجدتُ الشاعرَ في قصائده القديمة والجديدة انه في هذا البحر هو الملتقى الاول للَواعجِهِ وهُمومِهِ ، فلا ضَيرَ انه قَدّمَ ما قدّمَهُ شعراؤنا في القديم والحديث.
إنّ اوزان (عدنان الجزائري) الشعرية دليلٌ ساطعٌ على شكل قصيدته في البناء الخارجي والداخلي، على هذا وبعد ان رسمت أَوزانُهُ خرائطَ قصائدهِ ظهرت قيود لغته الشعرية واضحة اسيرةً، فإذا بالشاعر – دون ان يدري – يسير على خطى ابي تمام والمتنبي والبارودي، وعلى هذه الخطى التزم بشفافية لغته الشعرية الواضحة السهلة الممتنعة ، إذا علمنا ان الشاعر ليس من القدماء .
اما التزام الوزن بشكله المتزمت الذي وضع الخليل قواعدَهُ فليس أدلّ على إلتزامه القواعد العروضية الصارمة من قصيدته (ذكرى على ذكرى) وهي من السريع ذات الضرب (الاصلم – مفعول) فيعمد الشاعر في التصريع الى العروضة الصلماء مجاراةً للضرب، ثم يعود الى البيت الثاني الى القاعدة المسنونة، الى الضرب الاصلم، ولكن للعروضة (المكسوفة المطوية -مَفعُلا) ‘ فهل تصدّق أن الشاعر ينظم في وقتنا هذا ؟ ام تجدهُ شاعراً من العصر العباسي؟.
هذا هو الشاعر عدنان الجزائري في اوزانه على اقلّ ما امكننا التحدث عنه، وهو الذي اكتملت عناصره الشعرية في الغربة، بل زاد عليها تجارب شعرية وافرة ووافية، ولْنارك مسائله الاخرى للنقاد لنشركهم في هذه المقدمة المتواضعة شاكراً للشاعر وفاءَهُ، ورغبته في كتابة هذه الاضاءة، وكذلك لتركي اختيار عنوان المجموعة الشعرية.