أسماء مواقع طبيعية جزائرية على المريخ

الجزائر‭ (‬أ‭ ‬ف‭ ‬ب‭) – ‬أصبحت‭ ‬خريطة‭ ‬المريخ‭ ‬تحمل‭ ‬أسماء‭ ‬متنزهات‭ ‬طبيعية‭ ‬في‭ ‬الجزائر،‭ ‬بدفع‭ ‬من‭ ‬العضو‭ ‬في‭ ‬فريق‭ ‬مهمة‭ ‬المريخ‭ ‬في‭ ‬وكالة‭ ‬الفضاء‭ ‬الأميركية‭ (‬ناسا‭)‬،‭ ‬الفيزيائي‭ ‬الجزائري‭ ‬نور‭ ‬الدين‭ ‬مليكشي‭ ‬الذي‭ ‬أوضح‭ ‬لوكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ ‬أنه‭ ‬يسعى‭ ‬بذلك‭ ‬للإضاءة‭ ‬على‭ ‬هشاشة‭ ‬الأرض‭.‬

وباتت‭ ‬ثلاثة‭ ‬مواقع‭ ‬في‭ ‬المريخ‭ ‬تحمل‭ ‬أسماء‭ ‬المتنزهات‭ ‬الوطنية‭ ‬الجزائرية‭ ‬طاسيلي‭ ‬ناجر‭ ‬وغوفي‭ ‬وجرجرة،‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬أوضح‭ ‬ملكيشي‭ ‬الذي‭ ‬يفخر‭ ‬بتكريم‭ ‬موطنه‭ ‬الأصلي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭.‬

ودعا‭ ‬نور‭ ‬الدين‭ ‬مليكشي‭ ‬في‭ ‬مقابلة‭ ‬مع‭ ‬تلفزيون‭ ‬وكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬إلى‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ “‬كوكبنا‭ ‬الهش‭” ‬من‭ ‬خلال‭ “‬الاعتناء‭ ‬بالمحميات‭ ‬الطبيعية‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬مكان‭ ‬آخر‭”.‬

‭ ‬وبالنسبة‭ ‬لأستاذ‭ ‬الفيزياء‭ ‬وعميد‭ ‬كلية‭ ‬كينيدي‭ ‬للعلوم‭ ‬بجامعة‭ ‬ماساتشوستس‭ ‬في‭ ‬لويل،‭ ‬فإن‭ ‬سطح‭ ‬حظيرة‭ ‬طاسيلي‭ ‬ناجر‭ ‬في‭ ‬الصحراء‭ ‬الجزائرية‭ ‬يشبه‭ ‬كثيرا‭ ‬سطح‭ ‬الكوكب‭ ‬الأحمر،‭ ‬وهو‭ ‬مصنف‭ ‬ضمن‭ ‬قائمة‭ ‬الثراث‭ ‬العالمي‭ ‬لمنظمة‭ ‬اليونسكو‭.‬

ويعود‭ ‬الموقع‭ ‬الجزائري‭ ‬إلى‭ ‬12‭ ‬ألف‭ ‬عام‭ ‬على‭ ‬الأقل،‭ ‬ويضم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬15‭ ‬الف‭ ‬نقش‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬حياة‭ ‬البشر‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الموقع‭ ‬الصحراوي‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬6000‭ ‬قبل‭ ‬الميلاد‭ ‬وحتى‭ ‬القرون‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬العصر‭ ‬الحالي‭.‬

وأوضح‭ ‬مليكشي‭ ‬الذي‭ ‬ترك‭ ‬الجزائر‭ ‬سنة‭ ‬1990‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ “‬إذا‭ ‬نظرت‭ ‬إلى‭ ‬صور‭ ‬طاسيلي‭ ‬ناجر،‭ ‬سترى‭ ‬أنه‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬البصرية،‭ ‬يبدو‭ ‬مثل‭ ‬كوكب‭ ‬المريخ،‭ ‬لأن‭ ‬به‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الرمال‭ ‬الحمراء‭. ‬والآن،‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬أرى‭ ‬فيها‭ ‬طاسيلي‭ ‬ناجر‭ ‬أتذكر‭ ‬المريخ‭”.‬

‭ ‬وأضاف‭ “‬طاسيلي‭ ‬ناجر‭ ‬صحراء‭ ‬رملية‭ (…) ‬تشعر‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬شيء‭ ‬حولك،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬هناك‭ ‬حياة‭ ‬من‭ ‬حولك‭” ‬تدل‭ ‬عليها‭ “‬رسومات‭ ‬كهوف‭ ‬عمرها‭ ‬آلاف‭ ‬السنين‭. ‬إنها‭ ‬مثل‭ ‬كتاب‭ ‬عن‭ ‬طريقة‭ ‬عيش‭ ‬الناس‭ ‬حينها‭ ‬وشكل‭ ‬الحياة‭”.‬

تُظهر‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الرسومات‭ ‬كائنات‭ ‬عملاقة‭ ‬لها‭ ‬عين‭ ‬واحدة‭ ‬وقرون،‭ ‬وقد‭ ‬وصفها‭ ‬عالم‭ ‬الآثار‭ ‬الفرنسي‭ ‬هنري‭ ‬لوت‭ ‬بأنها‭ “‬آلهة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬المريخ‭”‬،‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬نُشر‭ ‬عام‭ ‬1958‭ ‬بعنوان‭ “‬À‭ ‬la recherche‭ ‬des‭ ‬fresques‭ ‬du‭ ‬Tassili‭” – “‬بحثا‭ ‬عن‭ ‬جداريات‭ ‬طاسيلي‭”). ‬وشرح‭ ‬مليكشي‭ ‬عن‭ ‬رسومات‭ ‬الكهوف‭ ‬هذه‭ ‬قائلا‭ “‬ترى‭ ‬حيوانات‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬الأشياء،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬لوحة‭ ‬كهف‭ ‬يبدو‭ ‬فيها‭ ‬أنّ‭ ‬هناك‭ ‬شخصا‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬من‭ ‬مكان‭ ‬آخر،‭ ‬ربما‭ ‬من‭ ‬المريخ‭”.‬

ووقع‭ ‬خيار‭ ‬مليكشي‭ ‬الثاني‭ ‬على‭ ‬شرفات‭ ‬غوفي‭ ‬الواقعة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الأوراس‭ ‬بجنوب‭ ‬شرق‭ ‬الجزائر‭ ‬بين‭ ‬جبال‭ ‬باتنة‭ ‬وواحات‭ ‬بسكرة‭.‬

‭ ‬وقال‭ ‬مليكشي‭ ‬في‭ ‬وصفها‭ “‬إذا‭ ‬نظرت‭ ‬إلى‭ ‬صور‭ ‬غوفي،‭ ‬ستجد‭ ‬أنها‭ ‬تبدو‭ ‬أيضا‭ ‬مثل‭ ‬بعض‭ ‬مناطق‭ ‬المريخ‭ ‬وتبرز‭ ‬مرونة‭ ‬الكواكب‭ ‬أمام‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬لها‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬الزمن‭”.‬

أما‭ ‬الموقع‭ ‬الثالث،‭ ‬وهو‭ ‬حظيرة‭ ‬جرجرة‭ ‬الوطنية‭ ‬الواقعة‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬140‭ ‬كيلومترا‭ ‬من‭ ‬العاصمة‭ ‬الجزائرية‭ ‬بين‭ ‬ولايتي‭ ‬البويرة‭ ‬وتيزي‭ ‬وزو،‭ ‬والمعروفة‭ ‬بقمم‭ ‬جبالها‭ ‬الثلجية‭ ‬التي‭ ‬يفوق‭ ‬علو‭ ‬أهمها‭ ‬2300‭ ‬متر،‭ ‬فهي‭ “‬ترقص‭ ‬مع‭ ‬الطبيعة‭” ‬كما‭ ‬وصفها‭ ‬مليكشي،‭ ‬ما‭ ‬يجعلها‭ “‬جميلة‭ ‬جدا‭ ‬طوال‭ ‬السنة‭”.‬

وأوضح‭ ‬مليكشي‭ ‬لوكالة‭ ‬فرنس‭ ‬برس‭ ‬ان‭ ‬اختيار‭ ‬أسماء‭ ‬المواقع‭ ‬الجزائرية‭ ‬على‭ ‬خريطة‭ ‬المريخ‭ ‬حصل‭ ‬باقتراح‭ ‬منه،‭ ‬لافتا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المسار‭ ‬انطلق‭ ‬بعد‭ ‬هبوط‭ ‬مركبة‭ ‬برسيفيرنس‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2021‭ ‬في‭ ‬جزء‭ ‬غير‭ ‬مستكشف‭ ‬من‭ ‬المريخ‭. ‬وجرى‭ ‬تقسيم‭ ‬المنطقة‭ ‬إلى‭ “‬أرباع‭” ‬لإطلاق‭ ‬أسماء‭ ‬عليها‭ ‬قبل‭ ‬دراستها‭.‬

‭ ‬وقال‭ “‬اقترحتُ‭ ‬أنا‭ ‬هذه‭ ‬الأسماء‭ ‬واقترح‭ ‬آخرون‭ ‬أسماء‭ ‬أخرى‭ ‬لمتنزهات‭ ‬وطنية‭ ‬مختلفة‭ ‬حول‭ ‬العالم‭”‬،‭ ‬قبل‭ ‬درس‭ ‬المقترحات‭ ‬من‭ ‬فريق‭ ‬متخصص‭ ‬واختيار‭ ‬الأسماء‭ ‬النهائية‭.  ‬وأثار‭ ‬إعلان‭ ‬مليكشي‭ ‬بداية‭ ‬الشهر‭ ‬الجاري‭ ‬خبر‭ ‬اطلاق‭ ‬أسماء‭ ‬مواقع‭ ‬جزائرية‭ ‬على‭ ‬خريطة‭ ‬المريخ،‭ ‬فرحة‭ ‬لدى‭ ‬الجزائريين‭ ‬تجلّت‭ ‬خصوصا‭ ‬برسائل‭ ‬الإشادة‭ ‬عبر‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والتعليقات‭ ‬الإيجابية‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬والسلطات‭.‬

‭ ‬وعبّر‭ ‬وزير‭ ‬الثقافة‭ ‬والفنون‭ ‬زهير‭ ‬بللو‭ ‬عن‭ ‬سعادته‭ “‬بهذا‭ ‬التميز‭ ‬الاستثنائي‭”‬،‭ ‬مؤكدا‭ ‬على‭ ‬ان‭ ‬هذا‭ “‬التكريم‭ ‬تاريخي‭ ‬وعالمي،‭ ‬ويبرز‭ ‬القيم‭ ‬الثمينة‭ ‬للتراث‭ ‬الطبيعي‭ ‬والثقافي‭ ‬الجزائري‭ ‬والذي‭ ‬أصبح‭ ‬الآن‭ ‬مسجلا‭ ‬ما‭ ‬وراء‭ ‬الحدود‭ ‬الأرضية‭”.‬

وتبذل‭ ‬الحكومة‭ ‬الجزائرية‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬جهودا‭ ‬لتشجيع‭ ‬السياحة،‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الصحراء‭ ‬الكبرى،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إصدار‭ ‬تأشيرات‭ ‬دخول‭ ‬لبعض‭ ‬الجنسيات‭ ‬عند‭ ‬الوصول‭.‬

‭ ‬وزار‭ ‬حوالي‭ ‬2‭,‬5‭ ‬مليون‭ ‬سائح‭ ‬الجزائر‭ ‬العام‭ ‬الماضي،‭ ‬وهو‭ ‬رقم‭ ‬قياسي‭ ‬خلال‭ ‬العشرين‭ ‬سنة‭ ‬الأخيرة‭.‬

‭ ‬ويأمل‭ ‬مليكشي‭ ‬أن‭ ‬تجتذب‭ ‬هذه‭ ‬التسميات‭ ‬الجديدة‭ ‬أعدادا‭ ‬إضافية‭ ‬من‭ ‬الزوار‭ ‬إلى‭ ‬الجزائر،‭ ‬قائلا‭ ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬الأماكن‭ “‬كنز‭ ‬ورثناه‭ ‬كبشر‭ ‬وعلينا‭ ‬أن‭ ‬نتأكد‭ ‬من‭ ‬الحفاظ‭ ‬عليه‭” ‬و‭”‬نقله‭ ‬إلى‭ ‬الجيل‭ ‬المقبل‭ ‬بأمان‭”.‬

مشاركة