تغيّر القيم
أرقام صادمة أم وقائع قادمة ؟ – منقذ داغر
5: تغيرات خطيرة في القيم الاخلاقية!
في الحلقة الماضية كشفت الستار عن مثالين للتدهور القيمي الحاصل في المجتمع العراقي تمثلا في التزايد الكبير خلال العقد الماضي لنسبة من يبررون سرقة أملاك الآخرين وكذلك من يبررون تعاطي الرشوة! والملاحظة المثيرة للانتباه انه في كلتا الحالتين كانت نسبة من يبررون هذين الفعلين المرفوضين قيمياً متشابهة. ففي الوقت الذي يبرر فيه واحد من كل خمسة عراقيين تعاطي الرشوة فأن نسبة مشابهة تبرر سرقة أملاك الآخرين! ولا يبدو الأمر غريباً اذ ان الرشوة تعني ضمناً سرقة أموال أو ممتلكات شخص آخر دون وجه حق! هنا أشير الى ظاهرة باتت تتزايد مؤخراً وهي تزايد المجاهرة بكسر المحرمات القيمية والتي تعكس غضباً اجتماعياً يؤدي الى ما يطلق عليه البعض بالانهيار او الانحلال القيمي! هذا ليس تبريراً لهذا الانحلال بقدر ما هي دعوة لرصد المياه التي تجري تحت الجسر. أذكر سابقاً ان من كان يأخذ الرشوة يحاول التستر وعدم المجاهرة ليس فقط خوفاً من القانون ولكن قبل ذلك الخشية من المعايير الاجتماعية التي تجعل المرتشي في ادنى منازل السلم القيمي المجتمعي. كان المرتشي يخجل من أصدقاءه وجيرانه ومعارفه وقبل ذلك كله يخشى أن يعرف أولاده أو زوجته أنه يتقبل الحرام والرشوة. أما اليوم فقد بات كثير من المرتشين لا يكترثون ،بل ويتفاخرون أمام أصدقائهم وزملائهم ومعارفهم وعوائلهم بأنهم(سباع ما ينغلبون) وبأنهم (يعرفون يطلعون حقهم من حلك السبع)!! وباتت فلسفة اننا نعيش في غابة وان من لم يكن ذئباً أكلته الذئاب هي الثقافة المجتمعية الآخذة بالانتشار. وزادت أعداد من يبررون لأنفسهم السرقة أو الرشوة لأن الآخرين،بخاصة (كبار القوم) هم مرتشين وسرّاق! والأنكى والأدهى اننا بتنا نسمع قصصاً كثيرة عن آباء يرسلون أبنائهم أو زوجاتهم كي يقبضوا الرشوة نيابةً عنهم،فأي تنشأة أجتماعية قيمية يمكن ان تنجم عن ذلك؟!!
أعود للغة الأرقام وأعرض في هذه الحلقة والتي تليها بعض الارقام الخاصة بالقيم الاخلاقية الفردية. بمعنى تلك القيم التي تُنتج لنا المدونات الأخلاقية العرفية في المجتمع. وسأرجىء الكثير من تلك الارقام لنشرها في كتابي القادم الخاص بتشريح وتفسير السلوكيات الفردية والجماعية في مجتمعنا والذي لا زلت أجمع مزيد من البيانات الرقمية عنه.
ممارسات عنيفة
زاد الحديث مؤخراً عالمياً ومحلياً عن ظاهرة المثلية الجنسية. وفي الوقت الذي بدأنا نشهد فيه تزايداً ملموساً في محاولة شرعنة هذا السلوك وأضفاء الصفة القانونية عليه لحماية من يمارسونه فأن هناك الكثيرين (وأنا منهم) سواء في المجتمعات الغربية التي تجتاحها هذه الظاهرة أو في مجتمعنا العراقي يرون في هذه الظاهرة تهديد حقيقي لاسس الثقافة الاخلاقية للمجتمع. وفي الوقت الذي أعتقد جازماً أن الممارسات العنيفة او التهديدية ، التي يريد من ينصبون أنفسهم حراساً للفضيلة إجازتها أو تبريرها لأيقاف موجة المد العاتية للشذوذ الجنسي ،لن تساعد الا على مفاقمة هذه الظاهرة فأني في نفس الوقت أعتقد أنها ظاهرة مرَضية تستحق مزيد من التعاون بين كل القوى المجتمعية الفاعلة لدراسة اسبابها ومحاولة الحد منها.أن أول خطوة لعلاج أي ظاهرة مرضية هي التشخيص.
ولأنها ظاهرة حساسة جداً فيندر ان تجد أي أرقام تتحدث عن هذه الظاهرة في المجتمع العراقي. وربما تكون الارقام التي سأعرضها في الحلقة القادمة عن هذا الموضوع الحساس هي أول ارقام منشورة تستند الى منهجية علمية وليس الى أنطباعات شخصية أو توجهات نظرية.