أدباء يستذكرون إستشهاد كامل شياع:
لم يكن كاتب مقالات وإنما وضع ستراتيجية للثقافة
تضامن عبد المحسن
اقام الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق صباح السبت الماضي جلسة استذكارية بمناسبة مرور الذكرى السادسة لاغتيال الاديب كامل شياع، تناولت فكره كرجـــــــــل ثقافة وسياسة ودوره البـــــارز في وزارة الثقافة .
بدأت الجلسة التي ادارها د.جمال العتابي بكلمة ترحيبة من الامين العام للاتحاد العام للادباء والكتاب ألفريد سمعان، مؤكدا ان كامل شياع انسان ضحى بنفسه من اجل الانسان ومن اجل حريته. وبين سمعان قائلا: (ان كامل شياع ضحية من ضحايا الوضع الراهن الذي نعيشه منذ سنوات طوال ومع الاسف الشديد كان يمكن ان تكون ايامنا بشكل اخر والامل بان تزدهر الديمقراطية ويعيش المجتمع حياة جديدة) لافتا الى ان (الراحل الكبير خلف وراءه قضية ستبقى في اذهاننا ونستطيع تحقيقها).
ثم جاءت كلمة وزير الثقافة الاسبق مفيد الجزائري الذي تحدث عن شياع الصديق والمستشار في وزارة الثقافة وعن دوره في عقد مؤتمر المثقفين الاول الذي كانت له الاهمية في ابراز دور وزارة الثقافة لتعزيز الساحة الثقافية العراقية بما يتناسب والمرحلة الجديدة بعد عام 2003. قائلا (الحديث عن كامل شياع هو حديث عن مناضل ومثقف ومفكر وضع نضاله وفكره في خدمة قضية شعبه ووطنه، كامل شياع لم يكن مجرد كاتب مقالات وتأملات وافكار ومبدع، وانما اتيح له ان يجسد بالملموس ابداعه وثقافته وفكره، حيث لعب دورا كبيرا مع العديد من المثقفين لصياغة ستراتيجية مختلفة لوزارة الثقافة وكان يجب ان تنفذ وفق مايتفق عليه من خطط لبرامج الوزارة وعلى هذا الاساس صدر اول مطبوع بعنوان (نهجنا الثقافي) في عام 2004 الذي شارك فيه عدد من المثقفين حيث لفت انتباه منظمة اليونسكو وفتح الباب لتوطيد العلاقات الحميمة مع وزارتنا واعربوا عن استعدادهم لإستقبال مؤتمر كبير للمثقفين العراقيين في باريس) وقد حضره 500 مثقف عراقي تخلله 17 ورشة وانتهى بنتائج ملموسة ومكتوبة، ولكنها كلها وضعت على الرف ولم يتم تنفيذها منذ ذلك الحين، مشيرا الى ان المسؤولين في وزارة الثقافة لم يعطوا لكامل شياع دورا حقيقيا بل عزلوه وابعدوه.
هنا استعار د.جمال العتابي جملة للكاتب فالح عبدالجبار (سدد القتلة النار الى رأسه في مواطن التفكير والتخيل والحلم والعمل، لعل الرصاصة الاولى سحقت تلك الحجيرات العامرة بقراءاته في الفلسفة ولعل الثانية محقت حجيرات الذاكرة الاسرية ولعل الثالثة ازالت مواقع الذاكرة عن الموسيقى والفن ووجود الاصدقاء، فقتلت وطنا).
ثم جاءت كلمة وكيل وزارة الثقافة فوزي الاتروشي مشيرا الى ان وكامل شياع لم يكن الرقم الاخير في هذا المسلسل الدموي). مضيفا ان كامل شياع من النخب القليلة التي واجهت في عز التخندق الطائفي والديني والقومي بأن تشذ عن هذه القاعدة وتذهب نحو الهوية الانسانية الواسعة، قائلا (انه معلم ربط الاخلاق بالسياسة وعدم الاكثار بالكلام على حساب العمل). واكد في كلمته على ان كامل شياع لم يظهر انتماءه الى هذا التيار او ذاك الحزب اذ انه ركز على التحرك ميدانيا كمثقف عضوي.
واضاف قائلا (بحزن اتذكر يوم توجهنا الى دمشق لحضور الاسبوع الثقافي ورفض ان يكون معنا رغم اصرارنا معه، فكان البديل ان اذهب اليه للنقاش في كيفية التحرك على الساحة السورية خلال هذا الاسبوع، وحين وصولنا الى مطار دمشق، صعقت بخبر مقتله) هنا تساءل السيد فوزي الاتروشي عن سبب رفض كامل شياع لحضور الاسبوع الثقافي، مجيبا (انا على يقين انه اراد ان يكون في اللحظة الاخيرة مشروعا مكرسا للآخرين وان يبتعد عن اية انانية حتى ولو كانت بشكل عضوية).وذكر الاتروشي (اننا في وزارة الثقافة نتذكره معلما ومفكرا بارزا لكنه فعلا حوصر كما ذكر زميلي مفيد الجزائري من قبل البعض من جهات الهيمنة الثقافية، وان مشروع شياع في دولة مدنية ديمقراطية هو اشد ما نحتاج اليه لبناء وطن للجميع).ثم تحدث الناقد علي الفواز عن كامل شياع باعتباره من صناع المشروع الثقافي العراقي الجديد والذي بدأ أولى خطواته مع مؤتمر المثقفين الذي عقد المثقفون آمالا كبيرة على المؤتمر وعلى كامل. وذكر الفواز أنه فاتح الوزير الذي خلف مفيد الجزائري لتنفيذ وصايا عشرات الورش التي نظمها مؤتمر المثقفين العراقيين، ولكن الوزير أجابه: انسوا المؤتمر، واستعدوا لمؤتمر جديد.. ويضيف الفواز أن التفكير بالغاء ما أُنجز والبدء من الصفر هو خطأ استراتيجي ندفع ثمنه للان.
الباحث في مجال الانثروبولوجيا علاء حميد قدم ورقة بحثية، وبعده تحدث الشاعر غيلان عن تقديمه مشروع مؤتمر الى وزارة الثقافة يكمل المؤتمر الاول، لتحرير الراهن العراقي من اشكالاته لكنه اصطدم ايضا بواقع الوزارة المرير، بحسب قوله.من جانبه قال رئيس الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق فاضل ثامر ان (المشروع العراقي الثقافي الفلسفي خسر كامل شياع، وكذلك نحن ايضا خسرناه، لما يملكه من عقل مركب وامكانية في ادارة حوار فكري معقد وصعب، كانت افكاره عميقة وبعيدة عن السطحيات).
في ختام الجلسة التي استمرت ساعتين وحضرها جمع غفير من المثقفين والادباء قرأ شقيق الشهيد علي شياع كلمة العائلة، فيما خرج الحاضرون بتوصية، اجمعوا عليها لاعادة فتح ملف اغتيال كامل شياع والاعلان عن الجهات التي نفذت هذه الجريمة ومحاكمتهم لينالوا جزاءهم العادل.