
في تعقيم المياه
أتركوا الكلور وإتجهوا إلى اليود – عدنان جابرو
في دراسة أجريتها، مؤخراً، تبين لي أن استعمال اليود في تعقيم المياه أكثر أماناً وفائدة من الكلور الذي نستعمله.
تضمنت الدراسة التي أحريتها شقين: الأول يبحث في استخدام اليود في تعقيم مياه المسابح والثاني في أثر الماء المعقم باليود على المواطن الذي يستخدمه لأغراض الاستهلاك اليومي.
في مجال الاستخدام الأول، وجدنا أن تأثير اليود في التعقيم أكبر من تأثير الكلور المستخدم اعتيادياً في التعقيم، كما أن تركيز اليود في مياه المسابح لم يتأثر بتغيير قاعدية الماء أو حامضيته أو بأشعة الشمس التي يتعرض لها الماء او بعدد مستخدمي المسبح، بالإضافة إلى الحد من مركبات النتروجين وتراكم المركبات العضوية. يعدّ اليود من عناصر الهالوجينات الوحيدة الموجودة في الطبيعة بصفة صلبة في درجات الحرارة الاعتيادية والضغوط الجوية المعتدلة، بينما تكون المعقمات الضعيفة مثل الفلور والكلور بنحو غازات ويكون البروم سائلاً.
مياه مالحة
يستخرج اليود من نباتات بحرية تعيش في المياه المالحة أشهرها نبات الكيلب الذي يحتوي على ( 0,05 ملغ/ لتر) الى (0,47 ملغ/ لتر) من اليود وتعتاش الأسماك البحرية على هذا النبات ومن ثم ينتقل اليود إلى جسم الانسان بفعل اعتماده على هذه الأسماك في الغذاء.
ولما كان اليود من العناصر النادرة في قشرة الكرة الارضية فإنه يوجد أحيانا في بعض الأنهر التي ترمى فيها فضلات صناعية.
يمتلك اليود بعض الخصائص التي تؤهله لان يكون عنصر تعقيم فعال فهو يمتلك اعلى وزن ذري بين الهالوجينات الاربعة وهو اقلها ذوبانا في الماء وأضعفها قابلية على الاكسدة، ولذلك يتفاعل ببطء مع المركبات العضوية.
ولما كان لليود تأثير كبير على الغدة الدرقية فان التباين في تراكيزه في مختلف المدن يؤشر السبب في تباين الاصابات بأعراض الغدة الدرقية في اي منطقة.
ان الخصائص المذكورة تجعل من اليود بتراكيز قليلة اكثر ثباتا واستقرارا واكثر مقاومة لوجود المواد العضوية بينما في حالة الكلور، فان قابليته العالية للأكسدة تعدّ من السلبيات كمادة مستخدمة للتعقيم.
في نهاية خمسينيات القرن المنصرم تم استخدام اليود في تعقيم المسابح، حيث اثبتت التجارب في سبعة مسابح في ولاية فلوريدا أن اليود لم يكن معقما جيدا للماء فحسب، ولكنه، ايضاً، يتفوق على الكلور في الكفاءة، ونتيجة لتلك التجارب فقد تم اعتماد المواصفات الآتية لاختيار اليود:
كمعقم لمياه المسابح:
اجريت التجارب لمدة سنة كاملة في المسبح الاولمبي لجامعة فلوريدا، حيث تم نصب الاجهزة الاوتوماتيكية لقياس تراكيز الهالوجين ودرجة حموضة الماء أو قاعديته ودرجات الحرارة ونسبة المعقمات الضعيفة الناتجة عن تفاعل الهالوجين مع الامونيا خلال 24 ساعة يوميا. وخلال هذه الدراسة الموسعة توصلنا الى النتائج الآتية:
لكون الكلور عاملاً مؤكسداً قوياً، فقد تفاعل مع المركبات الاخرى في الماء لتكوين مواد معقمة ضعيفة اولا ولخسارته التراكيز الابتدائية التي تضاف الى المسبح، وهذا ما ادى بالضرورة الى اضافة كميات منه للمحافظة على التركيز المطلوب مما يسبب ارتفاع في الكلفة، بينما كان فعل الاكسدة لليود ضعيفا وهذا ما جعل تركيزه ثابتاً ولا حاجة لإضافة كميات تكميلية منه.
عند استخدام عدد من السباحين المسبح، في ان واحد، لوحظ أن تركيز الكلور قد انخفض الى درجة كبيرة بينما لم يتأثر تركيز اليود في المسبح مهما كان عدد المستخدمين.
بمجرد شروق الشمس وسقوط اشعتها على الماء ينخفض تركيز الكلور، بنحو كبير، مما يستدعي استخدام كميات اضافية منه، بينما لم يتأثر تركيز اليود خلال النهار بالرغم من دوام تعرض الماء لأشعة الشمس.
عند السباحة لمدة ساعة او اكثر في مياه معقمة بالكلور تبدأ عيون السابحين بالاحمرار بنحو واضح بينما لم تؤثر تراكيز اليود، حتى العالية منها، على عيون المستخدمين.
يؤثر الكلور على الوان ملابس السباحة بينما لا يوجد تاثير بتراكيز اليود العالية. في مياه الشرب:
معامل بسيطة
من المعروف طبيا علاقة اليود بالغدة الدرقية ولذلك اجريت دراسة موسعة لمدة اكثر من سنة لتأكيد هذه العلاقة وأثر اليود على الغدة.
توجد في فلوريدا اصلاحيات عدة للبنات دون 18 سنة تشمل السكن والمسابح والملاعب ومعامل بسيطة لتعليم الخياطة والتطريز والنجارة والكهرباء وغيرها من المهن حيث تتدرب فيها النزيلات ولا تكون هذه الاصلاحيات مسيجة وللبنات حرية التنقل في ارجاء الاصلاحية وخارجها احيانا.
تم اختيار 36 فتاة من احدى الاصلاحيات القريبة من مدينة جينزفيل، بعد فحوص طبية كاملة وللتأكد من سلامتهم من مجموعة من الامراض، وبعد فتح سجلات دقيقة لكل فتاة، تبين أن تراكيز اليود التي تتناولها كل منهم تراوحت من واحد الى خمسة ملغرامات/ لتر يوميا، يصاحب ذلك فحص دقيق للغدة الدرقية ومراقبة التطور فيها، وكانت النتائج بعد مرور سنة تشير الى ان التراكيز حتى خمسة ملغ/ لتر لا تؤثر على الغدة الدرقية. اما اذا زادت عن ذلك فان لها تأثيراً سلبياً.
من هذه التجارب التي كان الهدف منها معرفة امكانية استخدام اليود بدلا عن الكلور في تعقيم مياه الشرب بدا واضحا ان ذلك ممكن وبصفة امنة.
تتوفر في العراق تراكيز متباينة من اليود تشير الى ان تراكيز هذا العنصر تتناسب طرديا مع اصابات الغدة الدرقية، وادناه مثال على ذلك:
في الموصل 3,0 جزء بالبليون
في تلعفر 17,5 جزء بالبليون
في بغداد 3,0 جزء بالبليون
في دهوك 7,0 جزء بالبليون
في عقرة 4,0 جزء بالبليون
ويندر وجود تراكيز مقبولة منه في المحافظات الجنوبية.
مما تجب الاشارة اليه هو ان المواطن يميل دائما الى التعقيم بالكلور لانه يعطي اللون الازرق الفاتح المقبول للعين بينما يعطي الماء المعقم باليود لونا يميل الى الترابي لم تتعود العين عليه.
هذه فكرة عامة عن امكانية استخدام اليود في التعقيم.
{ مدير عام لإسالة الماء في بغداد وكيل أمين بغداد سابقاً



















